الخلافيات الا أن الشرع عين شهر رمضان من السنة في حق القادر على الصوم فبقي الوقت المطلق في حق العاجز عنه وقتاله والثاني أنه لما فاته صوم شهر رمضان فقد فاته الثواب المتعلق به فيحتاج إلى استدراكه بالصوم في عدة من أيام أخر ليقوم الصوم فيها مقام الفائت فينجبر الفوات بالقدر الممكن فإذا قدر على قضائه من غير حرج أمكن القول بالوجوب عليه فيجب كما في المغمى عليه والنائم بخلاف الجنون المستوعب فان هناك في ايجاب القضاء حرجا لان الجنون المستوعب قلما يزول بخلاف الاغماء والنوم إذا استوعب لان استيعابه نادر والنادر ملحق بالعدم بخلاف الجنون فان استيعابه ليس بنادر ويستوى الجواب في وجوب قضاء ما مضى عند أصحابنا في الجنون العارض ما إذا أفاق في وسط الشهر أو في أوله حتى لو جن قبل الشهر ثم أفاق في آخر يوم منه يلزمه قضاء جميع الشهر ولو جن في أول يوم من رمضان فلم يفق الا بعد مضى الشهر يلزمه قضاء كل الشهر الا قضاء اليوم الذي جن فيه إن كان نوى الصوم في الليل وإن كان لم ينو قضى جميع الشهر ولو جن في طرفي الشهر وأفاق في وسطه فعليه قضاء الطرفين وأما المجنون الأصلي وهو الذي بلغ مجنونا ثم أفاق في بعض الشهر فقد روى عن محمد انه فرق بينهما فقال لا يقضى ما مضى من الشهر وروى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه سوى بينهما وقال يقضى ما مضى من الشهر وهكذا روى هشام عن أبي يوسف في صبي له عشر سنين جن فلم يزل مجنونا حتى أتى عليه ثلاثون سنة أو أكثر ثم صح في آخر يوم من شهر رمضان فالقياس أنه لا يجب عليه قضاء ما مضى لكن استحسن أن يقضى ما مضى في هذا الشهر وجه قول محمد أن زمان الإفاقة في حيز زمان ابتداء التكليف فأشبه الصغير إذا بلغ في بعض الشهر بخلاف الجنون العارض فان هناك زمان التكليف سبق الجنون الا أنه عجز عن الأداء بعارض فأشبه المريض العاجز عن أداء الصوم إذا صح وجه رواية عن أبي حنيفة وأبى يوسف ما ذكرنا من الطريقين في الجنون العارض ولو أفاق المجنون جنونا عارضا في نهار رمضان قبل الزوال فنوى الصوم أجزأه عن رمضان والجنون الأصلي على الاختلاف الذي ذكرنا ويجوز في الاغماء والنوم بلا خلاف بين أصحابنا وعلى هذا الطهارة من الحيض والنفاس انها شرط الوجوب عند أهل التحقيق من مشايخنا إذ الصوم الشرعي لا يتحقق من الحائض والنفساء فتعذر القول بوجوب الصوم عليهما في وقت الحيض والنفاس الا أنه يجب عليهما قضاء الصوم لفوات صوم رمضان عليهما ولقدرتهما على القضاء في عدة من أيام أخر من غير حرج وليس عليهما قضاء الصلوات لما فيه من الحرج لان وجوبها يتكرر في كل يوم خمس مرات ولا يلزم الحائض في السنة الا قضاء عشرة أيام ولا حرج في ذلك وعلى قول عامة المشايخ ليس بشرط واصل الوجوب ثابت في حالة الحيض والنفاس وإنما تشترط الطهارة لأهلية الأداء والأصل فيه ما روى أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها فقالت لم تقض الحائض الصوم ولا تقضى الصلاة فقالت عائشة رضي الله عنها للسائلة أحرورية أنت هكذا كن النساء يفعلن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشارت إلى أن ذلك ثبت تعبدا محضا والظاهر أن فتواها بلغ الصحابة ولم ينقل أنه أنكر عليها منكر فيكون اجماعا من الصحابة رضي الله عنهم ولو طهرتا بعد طلوع الفجر قبل الزوال لا يجزيهما صوم ذلك اليوم لا عن فرض ولا عن نفل لعدم وجوب الصوم عليهما ووجوده في أول اليوم فلا يجب ولا يوجد في الباقي لعدم التجزى وعليهما قضاؤه مع الأيام الأخر لما ذكرنا وان طهرتا قبل طلوع الفجر ينظر إن كان الحيض عشرة أيام والنفاس أربعين يوما فعليهما قضاء صلاة العشاء ويجزيهما صومهما من الغد عن رمضان إذا نوتا قبل طلوع الفجر لخروجهما عن الحيض والنفاس بمجرد انقطاع الدم فتقع الحاجة إلى النية لا غير وإن كان الحيض دون العشرة والنفاس دون الأربعين فان بقي من الليل مقدار ما يسع للاغتسال ومقدار ما يسع النية بعد الاغتسال فكذلك وان بقي من الليل دون ذلك لا يلزمهما قضاء صلاة العشاء ولا يجزيهما صومهما من الغد وعليهما قضاء ذلك اليوم كما لو طهرتا بعد طلوع الفجر لان مدة الاغتسال فيما دون العشرة والأربعين من الحيض باجماع الصحابة رضى عنهم ولو أسلم الكافر قبل طلوع الفجر بمقدار ما يمكنه النية فعليه صوم الغد والا فلا
(٨٩)