وله شبهة الاتحاد وهذه الكفارة لا تجب مع الشبهة لما نذكره ولو أصبح جنبا في رمضان فصومه تام عند عامة الصحابة مثل على وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبى الدرداء وأبي ذر وابن عباس وابن عمر ومعاذ بن جبل رضى الله تعالى عنهم وعن أبي هريرة رضي الله عنه انه لا صوم له واحتج بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أصبح جنبا فلا صوم له محمد ورب الكعبة قاله راوي الحديث وأكده بالقسم ولعامة الصحابة قوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر أحل الله عز وجل الجماع في ليالي رمضان إلى طلوع الفجر وإذا كان الجماع في آخر الليل يبقى الرجل جنبا بعد طلوع الفجر لا محالة فدل ان الجنابة لا تضر الصوم وأما حديث أبي هريرة فقد ردته عائشة وأم سلمة فقالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير احتلام ثم يتم صومه ذلك من رمضان وقالت أم سلمة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من قراف أي جماع مع أنه خبر واحد ورد مخالفا للكتاب ولو نوى الصائم الفطر ولم يحدث شيئا آخر سوى النية فصومه تام وقال الشافعي بطل صومه وجه قوله إن الصوم لابد له من النية وقد نقض نية الصوم بنية ضده وهو الافطار فبطل صومه لبطلان شرطه ولنا ان مجرد النية لا عبرة به في أحكام الشرع ما لم يتصل به الفعل لقول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى عفا عن أمتي ما تحدثت به أنفسهم ما لم يتكلموا أو يفعلوا ونية الافطار لم يتصل به الفعل وبه تبين انه ما نقض نية الصوم بنية الفطر لان نية الصوم نية اتصل بها الفعل فلا تبطل بنية لم يتصل بها الفعل على أن النية شرط انعقاد الصوم لا شرط بقائه منعقدا الا ترى انه يبقى مع النوم والنسيان والغفلة ولو ذرعه القئ لم يفطره سواء كان أقل من ملء الفم أو كان ملء الفم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يفطرن الصائم القئ والحجامة والاحتلام وقوله من قاء فلا قضاء عليه ولان ذرع القئ مما لا يمكن التحرز عنه بل يأتيه على وجه لا يمكنه دفعه فأشبه الناسي ولان الأصل أن لا يفسد الصوم بالقئ سواء ذرعه أو تقيأ لان فساد الصوم متعلق بالدخول شرعا قال النبي صلى الله عليه وسلم الفطر مما يدخل والوضوء مما يخرج علق كل جنس الفطر بكل ما يدخل ولو حصل لا بالدخول لم يكن كل جنس الفطر معلقا بكل ما يدخل لان الفطر الذي يحصل بما يخرج لا يكون ذلك الفطر حاصلا بما يدخل وهذا خلاف النص الا انا عرفنا الفساد بالاستيقاء بنص آخر وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ومن استقاء فعليه القضاء فبقي الحكم في الذرع على الأصل ولأنه لا صنع له في الذرع وهو سبق القئ بل يحصل بغير قصده واختياره والانسان لا يؤاخذ بما لا صنع له فيه فلهذا لا يؤاخذ الناسي بفساد الصوم فكذا هذا لان هذا في معناه بل أولى لأنه لا صنع له فيه أصلا بخلاف الناسي على ما مر فان عاد إلى جوفه فإن كان أقل من ملء الفم لا يفسد بلا خلاف وإن كان ملء الفم فذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي ان في قول أبى يوسف يفسد وفى قول محمد لا يفسد وذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي الاختلاف على العكس فقال في قول أبى يوسف لا يفسد وفى قول محمد يفسد وجه قول من قال يفسد انه وجد المفسد وهو الدخول في الجوف لان القئ ملء الفم له حكم الخروج بدليل انتقاض الطهارة والطهارة لا تنتقض الا بخروج النجاسة فإذا عاد فقد وجد الدخول فيدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم والفطر مما يدخل وجه قول من قال لا يفسد ان العود ليس صنعه بل هو صنع الله تعالى على طريق التمحض يعنى به مصنوعه لا صنع للعبد فيه رأسا فأشبه ذرع القئ وانه غير مفسد كذا عود القئ فان اعاده فإن كان ملء الفم فسد صومه بالاتفاق لوجود الادخال متعمدا لما ذكرنا ان للقئ ملء الفم حكم الخروج حتى يوجب انتقاض الطهارة فإذا أعاده فقد أدخله في الجوف عن قصد فيوجب فساد الصوم وإن كان أقل من ملء الفم ففي قول أبى يوسف لا يفسد وفى قول محمد يفسد وجه قول محمد انه وجد الدخول إلى الجوف بصنعه فيفسد ولأبي يوسف ان الدخول إنما يكون بعد الخروج وقليل القئ ليس له حكم الخروج بدليل عدم انتقاض الطهارة به فلم يوجد الدخول فلا يفسد هذا الذي ذكرنا كله إذا ذرعة القئ فاما إذا استقاء فإن كان ملء الفم يفسد صومه بلا خلاف لقول النبي صلى الله عليه
(٩٢)