وشوال ناقصا قضى يومين يوما لأجل يوم الفطر ويوما لأجل النقصان لان القضاء يكون على قدر الفائت وإن كان رمضان ناقصا وشوال كاملا لا شئ عليه لأنه أكمل عدد الفائت وان وافق صومه هلال ذي الحجة فإن كان رمضان كاملا وذو الحجة كاملا قضى أربعة أيام يوما لأجل يوم النحر وثلاثة أيام لأجل أيام التشريق لان القضاء لا يجوز في هذه الأيام وإن كان رمضان كاملا وذو الحجة ناقصا قضى خمسة أيام يوما للنقصان وأربعة أيام ليوم النحر وأيام التشريق وإن كان رمضان ناقصا وذو الحجة كاملا قضى ثلاثة أيام لان الفائت ليس الا هذا القدر وان وافق صومه شهرا آخر سوى هذين الشهرين فإن كان الشهران كاملين أو ناقصين أو كان رمضان ناقصا والشهر الآخر كاملا فلا شئ عليه وإن كان رمضان كاملا والشهر الآخر ناقصا قضى يوما واحدا لان الفائت يوم واحد ولو صام بالتحري سنين كثيرة ثم تبين انه صام في كل سنة قبل شهر رمضان فهل يجوز صومه في السنة الثانية عن الأولى وفى الثالثة عن الثانية وفى الرابعة عن الثالثة هكذا قال بعضهم يجوز لأنه في كل سنة من الثانية والثالثة والرابعة صام صوم رمضان الذي عليه وليس عليه الا القضاء فيقع قضاء عن الأول وقال بعضهم لا يجوز وعليه قضاء الرمضانات لأنه صام في كل سنة عن رمضان قبل دخول رمضان وفصل الفقيه أبو جعفر الهندواني رحمه الله في ذلك تفصيلا فقال إن صام في السنة الثانية عن الواجب عليه الا انه ظن أنه من رمضان يجوز وكذا في الثالثة والرابعة لأنه صام عن الواجب عليه والواجب عليه قضاء صوم رمضان الأول دون الثاني ولا يكون عليه الا قضاء رمضان الأخير خاصة لأنه ما قضاه فعليه قضاؤه وان صام في السنة الثانية عن الثالثة وفى السنة الثالثة عن الرابعة لم يجزو عليه قضاء الرمضانات كلها أما عدم الجواز عن الرمضان الأول فلانه ما نوى عنه وتعيين النية في القضاء شرط ولا يجوز عن الثاني لأنه صام قبله متقدما عليه وكذا الثالث والرابع وضرب له مثلا وهو رجل اقتدى بالامام على ظن أنه زيد فإذا هو عمر وصح اقتداؤه به ولو اقتدى بزيد فإذا هو عمر ولم يصح اقتداؤه به لأنه في الأول نوى الاقتداء بالامام الا انه ظن أن الامام زيد فأخطأ في ظنه فهذا لا يقدح في صحة اقتدائه بالامام وفى الثاني نوى الاقتداء بزيد فإذا لم يكن زيدا تبين انه ما اقتدى بأحد كذلك ههنا إذا نوى في صوم كل سنة عن الواجب عليه تعلقت نيته بالواجب عليه لا بالأول والثاني الا انه ظن أنه الثاني فأخطأ في ظنه فيقع عن الواجب عليه لا عما ظن والله أعلم وأما الشرائط التي تخص بعض الصيامات دون بعض وهي شرائط الوجوب فمنها الاسلام فلا يجب الصوم على الكافر في حق أحكام الدنيا بلا خلاف حتى لا يخاطب بالقضاء بعد الاسلام وأما في حق أحكام الآخرة فكذلك عندنا وعند الشافعي يجب ولقب المسألة ان الكفار غير مخاطبين بشرائع هي عبادات عندنا خلافا له وهي تعرف في أصول الفقه وعلى هذا يخرج الكافر إذا أعلم في بعض شهر رمضان انه لا يلزمه قضاء ما مضى لان الوجوب لم يثبت فيما مضى فلم يتصور قضاء الواجب وهذا التخريج على قول من يشترط لوجوب القضاء سابقة وجوب الأداء من مشايخنا وأما على قول من لا يشترط ذلك منهم فإنما لا يلزمه قضاء ما مضى لمكان الحرج إذ لو لزمه ذلك للزمه قضاء جميع ما مضى من الرمضانات في حال الكفر لان البعض ليس بأولى من البعض وفيه من الحرج ما لا يخفى وكذا إذا أسلم في يوم من رمضان قبل الزوال لا يلزمه صوم ذلك اليوم حتى لا يلزمه قضاؤه وقال مالك يلزمه وانه غير سديد لأنه لم يكن من أهل الوجوب في أول اليوم أو لما في وجوب القضاء من الحرج على ما بينا ومنها البلوغ فلا يجب صوم رمضان على الصبي وإن كان عاقلا حتى لا يلزمه القضاء بعد البلوغ لقول النبي صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ ولان الصبي لضعف بنيته وقصور عقله واشتغاله باللهو واللعب يشق عليه تفهم الخطاب وأداء الصوم فاسقط الشرع عنه العبادات نظرا له فإذا لم يجب عليه الصوم في حال الصبا لا يلزمه القضاء لما بينا انه لا يلزمه لمكان الحرج لان مدة الصبا مديدة فكان في ايجاب القضاء عليه بعد البلوغ حرج وكذا إذا بلغ في يوم من رمضان قبل الزوال لا يجزئه صوم ذلك اليوم وان نوى وليس عليه قضاؤه إذ لم يجب عليه في أول اليوم لعدم أهلية الوجوب فيه والصوم لا يتجزأ وجوبا وجوازا ولما فيه من الحرج
(٨٧)