يصير هو الغنى وذكر في الجامع الصغير وان يغنى به انسانا أحب إلي ولم يرد به الاغناء المطلق لان ذلك مكروه لما بينا وإنما أراد به المقيد وهو انه يغنيه يوما أو أياما عن المسألة لان الصدقة وضعت لمثل هذا الاغناء قال النبي صلى الله عليه وسلم في صدقة الفطر اغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم هذا إذا أعطى مائتي درهم وليس عليه دين ولا له عيال فإن كان عليه دين فلا بأس بأن يتصدق عليه قدر دينه وزيادة ما دون المائتين وكذا إذا كان له عيال يحتاج إلى نفقتهم وكسوتهم واما الغنا الذي يحرم به السؤال فهو أن يكون له سداد عيش بأن كان له قوت يومه لما روى عن رسول الله صلى عليه وسلم أنه قال من سأل الناس عن ظهر غنى فإنما يستكثر من جمر جهنم قيل يا رسول الله وما ظهر الغنا قال إن يعلم أن عنده ما يغديهم أو يعشيهم فإن لم يكن له قوت يومه ولا ما يستر به عورته يحل له ان يسأل لان الحال حال الضرورة وقد قال الله تعالى ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة وترك السؤال في هذا الحال القاء النفس في التهلكة وانه حرام فكان له أن يسأل بل يجب عليه ذلك ومنها أن يكون مسلما فلا يجوز صرف الزكاة إلى الكافر بلا خلاف لحديث معاذ رضي الله عنه خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم أمر بوضع الزكاة في فقراء من يؤخذ من أغنيائهم وهم المسلمون فلا يجوز وضعها في غيرهم وأما ما سوى الزكاة من صدقة الفطر والكفارات والنذور فلا شك في أن صرفها إلى فقراء المسلمين أفضل لان الصرف إليهم يقع إعانة لهم على الطاعة وهل يجوز صرفها إلى أهل الذمة قال أبو حنيفة ومحمد يجوز وقال أبو يوسف لا يجوز وهو قول زفر والشافعي وجه قولهم الاعتبار بالزكاة وبالصرف إلى الحربي ولهما قوله تعالى ان تبدو الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ونكفر عنكم من سيأتكم من غير فصل بين فقير وفقير وعموم هذا النص يقتضى جواز صرف الزكاة إليهم الا انه خص منه الزكاة لحديث معاذ رضي الله عنه وقوله تعالى في الكفارات فكفارته اطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم من غير فصل بين مسكين ومسكين الا انه خص منه الحربي بدليل ولان صرف الصدقة إلى أهل الذمة من باب ايصال البر إليهم وما نهينا عن ذلك قال الله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ان الله يحب المقسطين وظاهر هذا النص يقتضى جواز صرف الزكاة إليهم لان أداء الزكاة بربهم الا ان البر بطريق الزكاة غير مراد عرفنا ذلك بحديث معاذ رضي الله عنه وإنما لا يجوز صرفها إلى الحربي لان في ذلك إعانة لهم على قتالنا وهذا لا يجوز وهذا المعنى لم يوجد في الذمي (ومنها) أن لا يكون من بني هاشم لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا معشر بني هاشم ان الله كره لكم غسالة الناس وعوضكم منها بخمس الخمس من الغنيمة وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الصدقة محرمة على بني هاشم وروى أنه رأى في الطريق تمرة فقال لولا انى أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها ثم قال إن الله حرم عليكم يا بني هاشم غسالة أيدي الناس والمعنى ما أشار إليه انها من غسالة الناس فيتمكن فيها الخبث فصان الله تعالى بني هاشم عن ذلك تشريفا لهم واكراما وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها أن لا يكون من مواليهم لما روى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرقم ابن أبي أرقم الزهري على الصدقات فاستتبع أبا رافع فاتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال يا أبا رافع ان الصدقة حرام على محمد وآل محمد وان موالي القوم من أنفسهم أي في حرمة الصدقة لاجماعنا على أن مولى القوم ليس منهم في جميع الأحكام الا ترى انه ليس بكفء لهم وكذا مولى المسلم إذا كان كافرا تؤخذ منه الجزية ومولى التغلبي تؤخذ منه الجزية ولا تؤخذ منه الصدقة المضاعفة فدل ان المراد منه في حرمة الصدقة خاصة وبنو هاشم الذين تحرم عليهم الصدقات آل العباس وآل على وآل جعفر وآل عقيل وولد الحارث بن عبد المطلب كذا ذكره الكرخي ومنها أن لا تكون منافع الاملاك متصلة بين المؤدى وبين المؤدى إليه لان ذلك يمنع وقوع الأداء تمليكا من الفقير من كل وجه بل يكون صرفا إلى نفسه من وجه وعلى هذا يخرج الدفع إلى الوالدين وان علوا والمولودين وان سفلوا لان أحدهما ينتفع بمال الآخر ولا يجوز أن يدفع الرجل الزكاة إلى زوجته بالاجماع وفى دفع المرأة إلى زوجها اختلاف بين
(٤٩)