النضري وحكيم بن حزام وغيرهم ولهم شوكة وقوة واتباع كثيرة بعضهم أسلم حقيقة وبعضهم أسلم ظاهرا لا حقيقة وكان من المنافقين وبعضهم كان من المسالمين فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم من الصدقات تطييبا لقلوب المسلمين منهم وتقريرا لهم على الاسلام وتحريضا لاتباعهم على اتباعهم وتأليفا لمن لم يحسن اسلامه وقد حسن اسلام عامتهم الا من شاء الله تعالى لحسن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم معهم وجميل سيرته حتى روى عن صفوان بن مية قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه لأبغض الناس إلى فما زال يعطيني حتى أنه لأحب الخلق إلى واختلف في سهامهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامة العلماء انه انتسخ سهمهم وذهب ولم يعطوا شيئا بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعطى الآن لمثل حالهم وهو أحد قولي الشافعي وقال بعضهم وهو أحد قولي الشافعي رضي الله عنه ان حقهم بقي وقد أعطى من بقي من أولئك الذين أخذوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والآن يعطى لمن حدث اسلامه من الكفرة تطييبا لقلبه وتقريرا له على الاسلام وتعطى الرؤساء من أهل الحرب إذا كانت لهم غلبة يخاف على المسلمين من شرهم لان المعنى الذي له كان يعطى النبي صلى الله عليه وسلم أولئك موجود في هؤلاء والصحيح قول العامة لاجماع الصحابة على ذلك فان أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ما أعطيا المؤلفة قلوبهم شيئا من الصدقات ولم ينكر عليهما أحد من الصحابة رضي الله عنهم فإنه روى أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جاؤوا إلى أبى بكر واستبدلوا الخط منه لسهامهم فبدل لهم الخط ثم جاؤوا إلى عمر رضي الله عنه وأخبروه بذلك فاخذ الخط من أيديهم ومزقه وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطيكم ليؤلفكم على الاسلام فاما اليوم فقد أعز الله دينه فان ثبتم على الاسلام والا فليس بيننا وبينكم الا السيف فانصرفوا إلى أبى بكر فأخبروه بما صنع عمر رضي الله عنهما وقالوا أنت الخليفة أم هو فقال إن شاء الله هو ولم ينكر أبو بكر قوله وفعله وبلغ ذلك الصحابة فلم ينكروا فيكون اجماعا منهم على ذلك ولأنه ثبت باتفاق الأمة أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يعطيهم ليتألفهم على الاسلام ولهذا سماهم الله المؤلفة قلوبهم والاسلام يومئذ في ضعف وأهله في قلة وأولئك كثير ذو قوة وعدد واليوم بحمد الله عز الاسلام وكثر أهله واشتدت دعائمه ورسخ بنيانه وصار أهل الشرك أذلاء والحكم متى ثبت معقولا بمعنى خاص ينتهى بذهاب ذلك المعنى ونظيره ما كان عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا من المشركين لحاجته إلى معاهدتهم ومداراتهم لقلة أهل الاسلام وضعفهم فلما أعز الله الاسلام وكثر أهله امر رسوله صلى الله عليه وسلم ان يرد إلى أهل العهود عهودهم وان يحارب المشركين جميعا بقوله عز وجل براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين إلى قوله فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وأما قوله تعالى وفى الرقاب فقد قال بعض أهل التأويل معناه وفى عتق الرقاب ويجوز اعتاق الرقبة بنية الزكاة وهو قول مالك وقال عامة أهل التأويل الرقاب المكاتبون قوله تعالى وفى الرقاب أي وفى فك الرقاب وهو ان يعطى المكاتب شيئا من الصدقة يستعين به على كتابته لما روى أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال علمني عملا يدخلني الجنة فقال صلى الله عليه وسلم أعتق النسمة وفك الرقبة فقال الرجل أوليسا سواء قال لا عتق النسمة ان تنفرد بعتقها وفك الرقبة ان تعين في عتقها وإنما جاز دفع الزكاة إلى المكاتب ليؤدي بدل كتابته فيعتق ولا يجوز ابتداء الاعتاق بنية الزكاة لوجهين أحدهما ما ذكرنا ان الواجب إيتاء الزكاة والايتاء هو التمليك والدفع إلى المكاتب تمليك فاما الاعتاق فليس بتمليك والثاني ما أشار إليه سعيد بن جبير فقال لا يعتق من الزكاة مخافة جر الولاء ومعنى هذا الكلام ان الاعتاق يوجب الولاء للمعتق فكان حقه فيه باقيا ولم ينقطع من كل وجه فلا يتحقق الاخلاص فلا يكون عبادة والزكاة عبادة فلا تتأدى بما ليس بعبادة فاما الذي يدفع إلى المكاتب فينقطع عنه حق المؤدى من كل وجه ولا يرجع إليه بذلك نفع فيتحقق الاخلاص واما قوله تعالى والغارمين قيل الغارم الذي عليه الدين أكثر من المال الذي في يده أو مثله أو أقل منه لكن ما وراءه ليس بنصاب وأما قوله تعالى وفى سبيل الله عبارة عن جميع القرب فيدخل فيه كل من سعى في طاعة الله وسبيل الخيرات إذا كان محتاجا وقال
(٤٥)