يكون وقتا لهذا الصوم بالاجماع وما رواه ليس وقت الحج فلا يكون محلا لهذا الصوم وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال المتمتع إنما يصوم قبل يوم النحر وعن عمر رضي الله عنه أن رجلا أتاه يوم النحر وهو متمتع لم يصم فقال له عمر رضي الله عنه اذبح شاة فقال الرجل ما أجدها فقال له عمر سل قومك فقال ليس ههنا منهم أحد فقال عمر رضي الله عنه يا مغيث أعطه عنى ثمن شاة والظاهر أنه قال ذلك سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لان مثل ذلك لا يعرف رأيا واجتهادا وأما صوم السبعة فلا يجوز قبل الفراغ من أفعال الحج بالاجماع وهل يجوز بعد الفراغ من أفعال الحج بمكة قبل الرجوع إلى الأهل قال أصحابنا يجوز وقال الشافعي لا يجوز الا بعد الرجوع إلى الأهل الا إذا نوى الإقامة بمكة فيصومها بمكة فيجوز واحتج بقوله تعالى وسبعة إذا رجعتم أي إذا رجعتم إلى أهليكم ولنا هذه الآية بعينها لأنه قال عز وجل إذا رجعتم مطلقا فيقتضى أنه إذا رجع من منى إلى مكة وصامها يجوز وهكذا قال بعض أهل التأويل إذا رجعتم من منى وقال بعضهم إذا فرغتم من أفعال الحج وقيل إذا أتى وقت الرجوع ولو وجد الهدى قبل أن يشرع في صوم ثلاثة أيام أو في خلال الصوم أو بعدما صام فوجده في أيام النحر قبل أن يحلق أو يقصر يلزمه الهدى ويسقط حكم الصوم عندنا وقال الشافعي لا يلزمه الهدى ولا يبطل حكم الصوم والصحيح قولنا لأن الصوم بدل عن الهدى وقد قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل فبطل حكم البدل كما لو وجد الماء في خلال التيمم ولو وجد الهدى في أيام الذبح أو بعدما حلق أو قصر فحل قبل أن يصوم السبعة صح صومه ولا يجب عليه الهدى لان المقصود من البدل وهو التحلل قد حصل فالقدرة على الأصل بعد ذلك لا تبطل حكم البدل كما لو صلى بالتيمم ثم وجد الماء واختلف أبو بكر الرازي وأبو عبد الله الجرجاني في صوم السبعة قال الجرجاني انه ليس ببدل بدليل أنه يجوز مع وجود الهدى بالاجماع ولا جواز للبدل مع وجود الأصل كما في التراب مع الماء ونحو ذلك وقال الرازي انه بدل لأنه لا يجب الا حال العجز عن الأصل وجوازه حال وجود الأصل لا يخرجه عن كونه بدلا ولو صام ثلاثة أيام ولم يحل حتى مضت أيام الذبح ثم وجد الهدى فصومه ماض ولا هدى عليه كذا روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة ذكره الكرخي في مختصره لان الذبح يتوقت بأيام الذبح عندنا فإذا مضت فقد حصل المقصود وهو إباحة التحلل فكأنه تحلل ثم وجد الهدى وأما صفة الواجب فقد اختلف فيها قال أصحابنا انه دم نسك وجب شكرا لما وفق للجمع بين النسكين بسفر واحد فله أن يأكل منه ويطعم من شاء غنيا كان المطعم أو فقيرا ويستحب له أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدى الثلث لأقربائه وجيرانه سواء كانوا فقراء أو أغنياء كدم الأضحية لقوله عز وجل فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير وقال الشافعي انه دم كفارة وجب جبرا للنقص بترك احدى السفرتين لان الافراد أفضل عنده لا يجوز للغنى أن يأكل منه وسبيله سبيل دماء الكفارات وأما القارن فحكمه حكم المتمتع في وجوب الهدى عليه ان وجد والصوم ان لم يجد وإباحة الاكل من لحمه للغنى والفقير لأنه في معنى المتمتع فيما لأجله وجب الدم وهو الجمع بين الحجة والعمرة في سفر واحد وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قارنا فنحر البدن وأمر عليا رضي الله عنه فأخذ من كل بدنة قطعة فطبخها وأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من لحمها وحسا من مرقها وأما مكان هذا الدم فالحرم لا يجوز في غيره لقوله تعالى والهدى معكوفا أن يبلغ محله ومحله الحرم والمراد منه هدى المتعة لقوله تعالي فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى والهدى اسم لما يهدى إلى بيت الله الحرام أي يبعث وينقل إليه وأما زمانه فأيام النحر حتى لو ذبح قبلها لم يجز لأنه دم نسك عندنا فيتوقت بأيام النحر كالأضحية وأما بيان أفضل أنواع ما يحرم به فظاهر الرواية عن أصحابنا أن القران أفضل ثم التمتع ثم الافراد وروى عن أبي حنيفة أن الافراد أفضل من التمتع وبه أخذ الشافعي وقال مالك التمتع أفضل وذكر محمد في كتاب الرد على أهل المدينة أن حجة كوفية وعمرة كوفية أفضل احتج الشافعي بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد بالحج عام حجة الوداع فدل أن الافراد أفضل إذ هو صلى الله عليه وسلم كان يختار من الاعمال أفضلها ولنا أن المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن بين الحج والعمرة رواه عمر وعلى وابن عباس
(١٧٤)