الا بالهدى وهو أن يبعث بالهدى أو بثمنه ليشترى به هديا فيذبح عنه وما لم يذبح لا يحل وهذا قول عامة العلماء سواء كان شرط عند الاحرام الاحلال بغير ذبح عند الاحصار أو لم يشترط وقال بعض الناس المحصر يحل بغير هدى الا إذا كان معه هدى فيذبحه ويحل وقيل إنه قول مالك وقال بعضهم إن كان لم يشترط عند الاحرام الاحلال عند الاحصار من غير هدى لا يحل الا بالهدى وإن كان شرط عند الاحرام الاحلال عند الاحصار من غير هدى لا يحل الا بالهدى احتج من قال بالتحلل من غير هدى بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل عام الحديبية عن احصاره بغير هدى لان الهدى الذي نحره كان هديا ساقه لعمرته لا لاحضاره فنحر هديه على النية الأولى وحل من احصاره بغير دم فدل أن المحصر يحل بغير هدى يحقق ما قلنا إنه ليس في حديث صلح الحديبية أنه نحر دمين وإنما نحر دما واحدا ولو كان المحصر لا يحل الا بدم لنحر دمين وانه غير منقول ولنا قوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله معناه حتى يبلغ الهدى محله فيذبح نهى عز وجل عن حلق الرأس قبل ذبح الهدى في محله وهو الحرم من غير فصل بين ما إذا كان معه هدى وقت الاحصار أم لا شرط المحصر عند الاحرام الاحلال عند الاحصار أو لم يشرط فيجرى على اطلاقه ولان شرع التحلل ثبت بطريق الرخصة لما فيه من فسخ الاحرام والخروج منه قبل أوانه فكان ثبوته بطريق الضرورة والضرورة تندفع بالتحلل بالهدى فلا يثبت التحلل بدونه وأما الحديث فليس فيه ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم حل عام الحديبية عن احصاره بغير هدى إذ لا يتوهم على النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون حل من احصاره بغير هدى والله تعالى أمر المحصر أن لا يحل حتى ينحر هديه بنص الكتاب العزيز ولكن وجه ذلك والله أعلم وهو معنى المروى في حديث صلح الحديبية انه نحر دما واحدا ان الهدى الذي كان ساقه النبي صلى الله عليه وسلم كان هدى متعة أو قران فلما منع عن البيت سقط عنه دم القران فجاز له ان يجعله من دم الاحصار فان قيل كيف قلتم ان النبي صلى الله عليه وسلم صرف الهدى عن سبيله وأنتم تزعمون أن من باع هدية التطوع فهو مسئ لما انه صرفه عن سبيله فالجواب انه لا مشابهة بين الفصلين لان الذي باعه صرفه عن سبيل التقرب به إلى الله تعالى رأسا فاما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصرف الهدى عن سبيل التقرب أصلا ورأسا بل صرفه إلى ما هو أفضل وهو الواجب وهو دم الاحصار ومما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الهدى لاحصاره ما روى أنه لم يحلق حتى نحر هديه وقال أيها الناس انحروا وحلوا والله عز وجل أعلم وإذا لم يتحلل الا بالهدى وأراد التحلل يجب ان يبعث الهدى أو ثمنه ليشترى به الهدى فيذبح عنه ويجب أن يواعدهم يوما معلوما يذبح فيه فيحل بعد الذبح ولا يحل قبله بل يحرم عليه كما يحرم على المحرم غير المحصر فلا يحلق رأسه ولا يفعل شيئا من محظورات الاحرام حتى يكون اليوم الذي واعدهم فيه ويعلم أن هديه قد ذبح لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله حتى لو فعل شيئا من محظورات الاحرام قبل ذبح الهدى يجب عليه ما يجب على المحرم إذا لم يكن محصرا وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى في موضعه حتى لو حلق قبل الذبح تجب عليه الفدية سواء حلق لغير عذر أو لعذر لقوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك أي فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه فحلق ففدية من صيام أو صدقة أو نسك كقوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر أي فأفطر فعدة من أيام أخر وعن كعب ابن عجرة قال في نزلت الآية وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بي والقمل يتناثر على وجهي فقال صلى الله عليه وسلم أيؤذيك هو أم رأسك فقلت نعم يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم احلق واطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من حنطة أو صم ثلاثة أيام أو انسك نسيكة فنزلت الآية والنسك جمع نسيكة والنسيكة الذبيحة والمراد منه الشاة لاجماع المسلمين على أن الشاة مجزئة في الفدية وفى بعض الروايات ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة انسك شاة وإذا وجبت الفدية عليه إذا حلق رأسه لأذى بالنص فيجب عليه إذا حلق لا لأذى بدلالة النص لان العذر سبب تخفيف الحكم في الجملة فلما وجب في حال الضرورة ففي حال الاختيار
(١٧٨)