الأداء في شئ لأنه شرط وليس بركن عندنا على ما بينا فيما تقدم فلا يكون رفض الحج ابطالا للعمل بل يكون امتناعا فاما العمرة فقد أدى منها شيئا وان قل وكان رفضها ابطالا لذلك القدر من العمل فكان الامتناع أولى لما قلنا وإذا رفض الحجة عنه فعليه لرفضها دم وقضاء حجة وعمرة وإذا رفض العمرة عندهما فعليه لرفضها دم وقضاء عمرة والأصل في جنس هذه المسائل ان كل من لزمه رفض عمرة فرفضها فعليه لرفضها دم لأنه تحلل منها قبل وقت التحلل فيلزمه الدم كالمحصر وعليه عمرة مكانها قضاء لأنها قد وجبت عليه بالشروع فإذا أفسدها يقضيها وكل من لزمه رفض حجة فرفضها فعليه لرفضها دم وعليه حجة وعمرة أما لزوم الدم لرفضها فلما ذكرنا في العمرة وأما لزوم الحجة والعمرة فاما الحجة فلوجوبها بالشروع وأما العمرة فلعدم اتيانه بافعال الحجة في السنة التي أحرم فيها فصار كفائت الحج فيلزمه العمرة كما يلزم فائت الحج فان احرم بالحجة من سنته فلا عمرة عليه وكل من لزمه رفض أحدهما فمضى فيها فعليه دم لان الجمع بينهما معصية فقد أدخل النقص في أحدهما فليزمه دم لكنه يكون دم كفارة لا دم متعة حتى لا يجوز له أن يأكل منه ولا يجزئه الصوم إن كان معسرا ومما يتصل بهذه المسائل ما إذا أحرم بحجتين معا أو بعمرتين معا قال أبو حنيفة وأبو يوسف لزمتاه جميعا وقال محمد لا يلزمه الا إحداهما وبه أخذ الشافعي وجه قول محمد انه إذا أحرم بعبادتين لا يمكنه المضي فيهما جميعا فلا ينعقد احرامه بهما جميعا كما لو احرم بصلاتين أو صومين بخلاف ما إذا أحرم بحجة وعمرة لان المضي فيهما ممكن فيصح احرامه بهما كما لو نوى صوما وصلاة ولأبي حنيفة وأبى يوسف انه أحرم بما يقدر عليه في وقتين فيصح احرامه كما لو أحرم بحجة وعمرة معا وثمرة هذا الاختلاف تظهر في وجوب الجزاء إذا قتل صيدا عندهما يجب جزاءان لانعقاد الاحرام بهما جميعا وعنده يجب جزاء واحد لانعقاد الاحرام بإحداهما ثم اختلف أبو حنيفة وأبو يوسف في وقت ارتفاض إحداهما عند أبي يوسف يرتفض عقيب الاحرام بلا فصل وعن أبي حنيفة روايتان في الرواية المشهورة عنه يرتفض إذا قصد مكة وفى رواية لا يرتفض حتى يبتدئ بالطواف ولو أحرم الآفاقي بالعمرة فاداها في أشهر الحج وفرغ منها وحل من عمرته ثم عاد إلى أهله حلالا ثم رجع إلى مكة وأحرم بالحج وحج من عامه ذلك لم يكن متمتعا حتى لا يلزمه الهدى بل يكون مفردا بعمرة ومفردا بحجة لأنه ألم بأهله بين الاحرامين الماما صحيحا وهذا يمنع التمتع وقال الشافعي لا أعرف الالمام ونحن نقول إن كنت لا تعرف معناه لغة فمعناه في اللغة القرب يقال ألم به أي قرب منه وان كنت لا تعرف حكمه شرعا فحكمه أن يمنع التمتع لما روى عن عمر وابن عمر رضي الله عنهما أن المتمتع إذا أقام بمكة صح تمتعه وان عاد إلى أهله بطل تمتعه وكذا روى عن جماعة من التابعين مثل سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وطاوس وعطاء رضي الله عنهم انهم قالوا كذلك ومثل هذا لا يعرف رأيا واجتهادا فالظاهر سماعهم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولان التمتع في حق الآفاقي ثبت رخصة ليجمع بين النسكين ويصل أحدهما بالآخر في سفر واحد من غير أن يتخلل بينهما ما ينافي النسك وهو الارتفاق ولما ألم بأهله فقد حصل له مرافق الوطن فبطل الاتصال والله تعالى أعلم ولو رجع إلى مكة بعمرة أخرى وحج كان متمتعا لان حكم العمرة الأولى قد سقط بالمامه بأهله فيتعلق الحكم بالثانية وقد جمع بينهما وبين الحجة في أشهر الحج من غير المام فكان متمتعا ولو كان المامه بأهله بعدما طاف لعمرته قبل أن يحلق أو يقصر ثم حج من عامه ذلك قبل أن يحل من العمرة في أهله فهو متمتع لان العود مستحق عليه لأجل الحلق لان من جعل الحرم شرطا لجواز الحق وهو أبو حنيفة ومحمد لابد من العود وعند من لم يجعله شرطا وهو أبو يوسف كان العود مستحبا ان لم يكن مستحقا وأما الالمام الفاسد الذي لا يمنع صحة التمتع فهو أن يسوق الهدى فإذا فرغ من العمرة عاد إلى وطنه فلا يبطل تمتعه في قول أبي حنيفة وأبى يوسف حتى لو عاد إلى مكة فاحرم بالحج وحج من عامه ذلك كان متمتعا في قولهما وعند محمد يبطل تمتعه حتى لو حج من عامه ذلك لم يكن متمتعا وجه قول محمد ان المانع من صحة التمتع وهو الالمام بالأهل قد وجد والعود غير مستحق عليه بدليل أنه لو بدا له من التمتع جاز له ذبح الهدى ههنا وإذا لم يستحق عليه العود
(١٧٠)