وفي بيان مكان اقامته وفي بيان زمان الإقامة أما الأول فالهدى المذكور في آية التمتع اختلف فيه الصحابة رضي الله عنه م روى عن علي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم انهم قالوا هو شاة وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنه م انه بدنة أو بقرة والحاصل ان اسم الهدى يقع على الإبل والبقر والغنم لكن الشاة ههنا مرادة من الآية الكريمة باجماع الفقهاء حتى أجمعوا على جوازها عن المتعة والدليل عليه أيضا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الهدى فقال صلى الله عليه وسلم أدناه شاة الا أن البدنة أفضل من البقرة والبقرة أفضل من الشاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الهدى أدناه شاة ففيه إشارة إلى أن أعلاه البدنة والبقرة وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال المبكر إلى الجمعة كالمهدى بدنة ثم كالمهدى بقرة ثم كالمهدى شاة وكذا النبي صلى الله عليه وسلم ساق البدن ومعلوم أنه كان يختار من الاعمال أفضلها ولان البدنة أكثر لحما وقيمة من البقرة والبقرة أكثر لحما وقيمة من الشاة فكان انفع للفقراء فكان أفضل وأما وجوبه فإنه واجب بالاجماع وبقوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى أي فعليه ذبح ما استيسر من الهدى كما في قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية الآية أي فحلق فعليه فدية وقوله عز وجل فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر معناه فأفطر فليصم في عدة من أيام أخر وأما شرط وجوبه فالقدرة عليه لان الله تعالى أوجب ما استيسر من الهدى ولا وجوب الا على القادر فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله لقوله عز وجل فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة معناه فمن لم يجد الهدى فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ولا يجوز له أن يصوم ثلاثة أيام في أشهر الحج قبل أن يحرم بالعمرة بلا خلاف وهل يجوز له بعدما أحرم بالعمرة في أشهر الحج قبل أن يحرم بالحج قال أصحابنا يجوز سواء طاف لعمرته أو لم يطف بعد ان أحرم بالعمرة وقال الشافعي لا يجوز حتى يحرم بالحج كذا ذكر الفقيه أبو الليث الخلاف وذكر امام الهدى الشيخ أبو منصور الماتريدي رحمه الله القياس أن لا يجوز ما لم يشرع في الحج وهو قول زفز لقوله تعالى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وإنما يكون في الحج بعد الشروع فيه وذلك بالاحرام ولان على أصل الشافعي دم المتعة دم كفارة وجب جبرا للنقص وما لم يحرم بالحج لا يظهر النقص ولنا ان الاحرام بالعمرة سبب لوجود الاحرام بالحجة فكان الصوم تعجيلا بعد وجود السبب فجاز وقبل وجود العمرة لم يوجد السبب فلم يجز ولان السنة في المتمتع ان يحرم بالحج عشية التروية كذا روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بذلك وإذا كانت السنة في حقه الاحرام بالحج عشية التروية فلا يمكنه صيام الثلاثة الأيام بعد ذلك وإنما بقي له يوم واحد لان أيام النحر والتشريق قد نهى عن الصيام فيها فلا بد من الحكم بجواز الصوم بعد احرام العمرة قبل الشروع في الحج واما الآية فقد قيل في تأويلها ان المراد منها وقت الحج وهو الصحيح إذ الحج لا يصلح ظرفا للصوم والوقت يصلح ظرفا له فصار تقدير الآية الشريفة فصيام ثلاثة أيام في وقت الحج كما في قوله تعالى الحج أشهر معلومات أي وقت الحج أشهر معلومات وعلى هذا صارت الآية الشريفة حجة لنا عليه لان الله تعالى أوجب على المتمتع صيام ثلاثة أيام في وقت الحج وهو أشهر الحج وقد صام في أشهر الحج فجاز الا أن زمان ما قبل الاحرام صار مخصوصا من النص والأفضل أن يصوم ثلاثة أيام آخرها يوم عرفة بان يصوم قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة لان الله تعالى جعل صيام ثلاثة أيام بدلا عن الهدى وأفضل أوقات البدل وقت اليأس عن الأصل لما يحتمل القدرة على الأصل قبله ولهذا كان الأفضل تأخير التيمم إلى آخر وقت الصلاة لاحتمال وجود الماء قبله وهذه الأيام آخر وقت هذا الصوم عندنا فإذا مضت ولم يصم فيها فقد فات الصوم وسقط عنه وعاد الهدى فإن لم يقدر عليه يتحلل وعليه دمان دم التمتع ودم التحلل قبل الهدى وعند الشافعي لا يفوت بمضي هذه الأيام ثم له قولان في قول يصومها في أيام التشريق وفى قول يصومها بعد أيام التشريق والصحيح قولنا لقوله تعالى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج أي في وقت الحج لما بينا عين وقت الحج لصوم هذه الأيام الا أن يوم النحر خرج من أن
(١٧٣)