مبيح ولامر خص ولا شبهة الإباحة ونعني بصورة الأكل والشرب ومعناهما ايصال ما يقصد به التغذي أو التداوي إلى جوفه من الفم لان به يحصل قضاء شهوة البطن على سبيل الكمال ونعني بصورة الجماع ومعناه ايلاج الفرج في القبل لان كمال قضاء شهوة الفرج لا يحصل الا به ولا خلاف في وجوب الكفارة على الرجل بالجماع والأصل فيه حديث الاعرابي وهو ما روى أن اعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله هلكت وأهلكت فقال ماذا صنعت قال واقعت امرأتي في نهار رمضان متعمدا وأنا صائم فقال أعتق رقبة وفى بعض الروايات قال له من غير عذر ولا سفر قال نعم فقال أعتق رقبة واما المرأة فكذلك يجب عليها عندنا إذا كانت مطاوعة وللشافعي قولان في قول لا يجب عليها أصلا وفى قول يجب عليها ويتحملها الرجل وجه قوله الأول أن وجوب الكفارة عرف نصا بخلاف القياس لما نذكر والنص ورد في الرجل دون المرأة وكذا ورد بالوجوب بالوطئ وانه لا يتصور من المرأة فإنها موطوءة وليست بواطئة فبقي الحكم فيها على أصل القياس وجه قوله الثاني أن الكفارة إنما وجبت عليها بسبب فعل الرجل فوجب عليه التحمل كثمن ماء الاغتسال ولنا أن النص وان ورد في الرجل لكنه معلول بمعنى يوجد فيهما وهو افساد صوم رمضان بافطار كامل حرام محض متعمدا فتجب الكفارة عليها بدلالة النص وبه تبين انه لا سبيل إلى التحمل لان الكفارة إنما وجبت عليها بفعلها وهو افساد الصوم ويجب مع الكفارة القضاء عند عامة العلماء وقال الأوزاعي ان كفر بالصوم فلا قضاء عليه وزعم أن الصومين يتداخلان وهذا غير سديد لان صوم الشهرين يجب تكفيرا زجرا عن جناية الافساد أو رفعا لذنب الافساد وصوم القضاء يجب جبرا للفائت فكل واحد منهما شرع لغير ما شرع له الآخر فلا يسقط صوم القضاء بصوم شهرين كما لا يسقط بالاعتاق وقد روى عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي واقع امرأته ان يصوم يوما ولو جامع في الموضع المكروه فعليه الكفارة في قول أبى يوسف ومحمد لأنه يجب به الحد فلان تجب به الكفارة أولى وعن أبي حنيفة روايتان روى الحسن عنه أنه لا كفارة عليه وروى أبي يوسف عنه إذا توارت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل وعليه القضاء والكفارة وجه رواية الحسن انه لا يتعلق به وجوب الحد فلا يتعلق به وجوب الكفارة والجامع أن كل واحد منهما شرع للزجر والحاجة إلى الزجر فيما يغلب وجوده وهذا يندر ولان المحل مكروه فأشبه وطئ الميتة وجه رواية أبى يوسف ان وجوب الكفارة يعتمد افساد الصوم بافطار كامل وقد وجد لوجود الجماع صورة ومعنى ولو أكل أو شرب ما يصلح به البدن اما على وجه التغذي أو التداوي متعمدا فعليه القضاء والكفارة عندنا وقال الشافعي لا كفارة عليه وجه قوله إن وجوب الكفارة ثبت معدولا به عن القياس لان وجوبها لرفع الذنب والتوبة كافية لرفع الذنب ولان الكفارة من باب المقادير والقياس لا يهتدى إلى تعيين المقادير وإنما عرف وجوبها بالنص والنص ورد في الجماع والأكل والشرب ليسا في معناه لان الجماع أشد حرمة منهما حتى يتعلق به وجوب الحد دونهما فالنص الوارد في الجماع لا يكون واردا في الأكل والشرب فيقتصر على مورد النص ولنا ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أفطر في رمضان متعمدا فعليه ما على المظاهر وعلى المظاهر الكفارة بنص الكتاب فكذا على المفطر متعمدا ولنا أيضا الاستدلال بالمواقعة والقياس عليها اما الاستدلال بها فهو ان الكفارة في المواقعة وجبت لكونها افسادا لصوم رمضان من غير عذر ولا سفر على ما نطق به الحديث والأكل والشرب افساد لصوم رمضان متعمدا من غير عذر ولا سفر فكان ايجاب الكفارة هناك ايجابا ههنا دلالة والدليل على أن الوجوب في المواقعة لما ذكرنا وجهان أحدهما مجمل والآخر مفسر أما المجمل فالاستدلال بحديث الاعرابي ووجهه ما ذكرناه في الخلافيات واما المفسر فلان افساد صوم رمضان ذنب ورفع الذنب واجب عقلا وشرعا لكونه قبيحا والكفارة تصلح رافعة له لأنها حسنة وقد جاء الشرع بكون الحسنات من التوبة والايمان والأعمال الصالحات رافعة للسيئات الا ان الذنوب مختلفة المقادير وكذا الروافع لها لا يعلم مقاديرها الا الشارع للأحكام وهو الله تعالى فمتى ورد
(٩٨)