حقهما في استيفاء المنفعة فكان لهما المنع ما داما في ملك الزوج والمولى فإذا بانت المرأة واعتق المملوك لزمهما قضاؤه ولان النذر منهما قد صح لوجوده من الأهل لكنهما منعا لحق المولى والزوج فإذا سقط حقهما بالعتق والبينونة فقد زال المانع فيلزمهما القضاء واما المكاتب فليس للمولى أن يمنعه من الاعتكاف الواجب والتطوع لان المولى لا يملك منافع مكاتبه فكان كالحر في حق منافعه وإذا أذن الرجل لزوجته بالاعتكاف لم يكن له أن يرجع عنه لأنه لما أذن لها بالاعتكاف فقد ملكها منافع الاستمتاع بها في زمان الاعتكاف وهي من أهل الملك فلا يملك الرجوع عن ذلك والنهى عنه بخلاف المملوك إذا أذن له مولاه بالاعتكاف انه يملك الرجوع عنه لان هناك ما ملكه المولى منافعه لأنه ليس من أهل الملك وإنما أعاره منافعه وللمعير أن يرجع في العارية متى شاء الا انه يكره له الرجوع لأنه خلف في الوعد وغرور فيكره له ذلك ومنها النية لان العبادة لا تصح بدون النية ومنها الصوم فإنه شرط لصحة الاعتكاف الواجب بلا خلاف بين أصحابنا وعند الشافعي ليس بشرط ويصح الاعتكاف بدون الصوم والمسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم وروى عن ابن عباس وعائشة واحدى الروايتين عن علي رضي الله عنه م مثل مذهبنا وروى عن علي وعبد الله بن مسعود مثل مذهبه وجه قوله إن الاعتكاف ليس الا اللبث والإقامة وذا لا يفتقر إلى الصوم ولأن الصوم عبادة مقصودة بنفسه فلا يصلح شرطا لغيره لان شرط الشئ تبع له وفيه جعل المتبوع تبعا وانه قلب الحقيقة ولهذا لم يشترط لاعتكاف التطوع وكذا يصح الشروع في الاعتكاف الواجب بدونه بأن قال لله على أن اعتكف شهر رجب فكما رأى الهلال يجب عليه الدخول في الاعتكاف ولا صوم في ذلك الوقت ولو كان شرطا لما جاز بدونه فضلا عن الوجوب إذ الشروع في العبادة بدون شرطها لا يصح والدليل عليه انه لو قال لله على أن اعتكف شهر رمضان فصام رمضان واعتكف خرج عن عهدة النذر وان لم يجب عليه الصوم بالاعتكاف ولنا ما روى عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا اعتكاف الا بصوم ولأن الصوم هو الامساك عن الأكل والشرب والجماع ثم أحد ركني الصوم وهو الامساك عن الجماع شرط صحة الاعتكاف فكذا الركن الاخر وهو الامساك عن الأكل والشرب لاستواء كل واحد منهما في كونه ركنا للصوم فإذا كان أحد الركنين شرطا كان الآخر كذلك ولان معنى هذه العبادة وهو ما ذكرنا من الاعراض عن الدنيا والاقبال على الآخرة بملازمة بيت الله تعالى لا يتحقق بدون ترك قضاء الشهوتين الا بقدر الضرورة وهي ضرورة القوام وذلك بالأكل والشرب في الليالي ولا ضرورة في الجماع وقوله الاعتكاف ليس الا اللبث والمقام مسلم لكن هذا لا يمنع أن يكون الامساك عن الأكل والشرب شرطا لصحته كما لم يمنع أن يكون الامساك عن الأكل والشرب والجماع شرطا لصحته والنية وكذا كون الصوم عبادة مقصوده بنفسه لا ينافي أن يكون شرطا لغيره ألا ترى ان قراءة القرآن عبادة مقصودة بنفسه ثم جعل شرطا لجواز الصلاة حالة الاختيار كذا ههنا وأما اعتكاف التطوع فقد روى الحسن عن أبي حنيفة انه لا يصح بدون الصوم ومن مشايخنا من اعتمد على هذه الرواية واما على ظاهر الرواية فلان في الاعتكاف التطوع عن أصحابنا روايتين في رواية مقدر بيوم وفى رواية غير مقدر أصلا وهو رواية الأصل فإذا لم يكن مقدرا والصوم عبادة مقدرة بيوم فلا يصلح شرطا لما ليس بمقدر بخلاف الاعتكاف الواجب فإنه مقدر بيوم لا يجوز الخروج عنه قبل تمامه فجاز أن يكون الصوم شرط لصحته واما إذا قال لله على أن اعتكف شهر رجب فإنما أوجب عليه الدخول في الاعتكاف في الليل لان الليالي دخلت في الاعتكاف المضاف إلى الشهر لضرورة اسم الشهر إذ هو اسم للأيام والليالي دخلت تبعا لا أصلا ومقصودا فلا يشترط لها ما يشترط للأصل كما إذا قال لله على أن اعتكف ثلاثة أيام انه يدخل فيه الليالي ويكون أول دخوله فيه من الليل لما قلنا كذا هذا واما النذر باعتكاف شهر رمضان فإنما يصح لوجود شرطه وهو الصوم في زمان الاعتكاف وان لم يكن لزومه بالتزام الاعتكاف لان ذلك أفضل واما اعتكاف التطوع فالصوم ليس بشرط لجوازه في ظاهر الرواية وإنما الشرط أحد ركني الصوم عينا وهو الامساك عن الجماع لقوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في
(١٠٩)