الشرع في ذنب خاص بايجاب رافع خاص ووجد مثل ذلك الذنب في موضع آخر كان ذلك ايجابا لذلك الرافع فيه ويكون الحكم فيه ثابتا بالنص لا بالتعليل والقياس والله أعلم وجه القياس على المواقعة فهو ان الكفارة هناك وجبت للزجر عن افساد صوم رمضان صيانة له في الوقت الشريف لأنها تصلح زاجرة والحاجة مست إلى الزاجر اما الصلاحية فلان من تأمل انه لو أفطر يوما من رمضان لزمه اعتاق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا لامتنع منه ولنا الحاجة إلى الزجر فلوجود الداعي الطبعي إلى الأكل والشرب والجماع وهو شهوة الأكل والشرب والجماع وهذا في الأكل والشرب أكثر لان الجوع والعطش يقلل الشهوة فكانت الحاجة إلى الزجر عن الأكل والشرب أكثر فكان شرع الزاجر هناك شرعا ههنا من طريق الأولى وعلى هذه الطريقة يمنع عدم جواز ايجاب الكفارة بالقياس لان الدلائل المقتضية لكون القياس حجة لا يفصل بين الكفارة وغيرها ولو أكل ما لا يتغذى به ولا يتداوى كالحصاة والنواة والتراب وغيرها فعليه القضاء ولا كفارة عليه عند عامة العلماء وقال مالك عليه الكفارة لأنه وجد الافطار من غير عذر ولنا ان هذا افطار صورة لا معنى لان معنى الصوم وهو الكف عن الأكل والشرب الذي هو وسيلة إلى العواقب الحميدة قائم وإنما الفائت صورة الصوم الا انا ألحقنا الصورة بالحقيقة وحكمنا بفساد الصوم احتياطا ولو بلع جوزة صحيحة يابسة أو لوزة يابسة فعليه القضاء ولا كفارة عليه لوجود الاكل صورة لا معنى لأنه لا يعتاد أكله على هذا الوجه فأشبه أكل الحصا ولو مضغ الجوزة أو اللوزة اليابسة حتى يصل المضغ إلى جوفها حتى ابتلعه فعليه القضاء والكفارة كذا روى ابن سماعة عن أبي يوسف لأنه أكل لبها الا انه ضم إليها مالا يؤكل عادة وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انه لو أكل لوزة صغيرة فعليه القضاء والكفارة وقوله في اللوزة محمول على اللوزة الرطبة لأنها مأكولة كلها كالخوخة ولو أكل جوزة رطبة فعليه القضاء ولا كفارة عليه لأنه لا يؤكل عادة ولا يحصل به التغذي والتداوي ولو أكل عجينا أو دقيقا فعليه القضاء ولا كفارة عليه لأنه لا يقصد بهما التغذي ولا التداوي فلا يفوت معنى الصوم وذكر في الفتاوى رواية عن محمد انه فرق بين الدقيق والعجين فقال في الدقيق القضاء والكفارة وفى العجين القضاء دون الكفارة ولو قضم حنطة فعليه القضاء والكفارة كذا روى الحسن عن أبي حنيفة لان هذا مما يقصد بالاكل ولو ابتلع اهليلجة روى ابن رستم عن محمد أن عليه القضاء ولا كفارة لأنه لا يتداوى بها على هذه الصفة وروى هشام عنه ان عليه الكفارة قال الكرخي وهذا أقيس عندي لأنه يتداوى بها على هذه الصفة وهكذا روى ابن سماعة عن محمد وكذا ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي ان عليه الكفارة ولو أكل طينا فعليه القضاء ولا كفارة لما قلنا الا أن يكون أرمينا فعليه القضاء والكفارة وكذا روى ابن رستم عن محمد قال محمد لأنه بمنزلة الغار يقون أي يتداوى به قال ابن رستم فقلت له هذا الطين الذي يقلى يأكله الناس قال لا أدرى ما هذا فكأنه لم يعلم أنه يتداوى به أولا ولو أكل ورق الشجر فإن كان مما يؤكل عادة فعليه القضاء والكفارة وإن كان مما لا يؤكل فعليه القضاء ولا كفارة عليه ولو أكل مسكا أو غالية أو زعفران فعليه القضاء والكفارة لان هذا يؤكل ويتداوى به وروى عن محمد فيمن تناول سمسمة قال فطرته ولم يذكر ان عليه الكفارة أولا واختلف المشايخ فيه قال محمد بن مقاتل الرازي عليه القضاء والكفارة وقال أبو القاسم الصفار عليه القضاء ولا كفارة عليه وقد ذكرنا ان السمسمة لو كانت بينه أسنانه فابتلعها انه لا يفسد لأنه لا يمكن التحرز عنه وروى عن أبي يوسف فيمن امتص سكرة بفية في رمضان متعمدا حتى دخل الماء حلقه عليه القضاء والكفارة لان السكر هكذا يؤكل ولو مص اهليلجة فدخل الماء حلقه قال لا يفسد صومه ذكره في الفتاوى ولو خرج من بين أسنانه دم فدخل حلقه أو ابتلعه فإن كانت الغلبة للدم فسد صومه وعليه القضاء ولا كفارة عليه وإن كانت الغلبة للبزاق فلا شئ عليه وإن كانا سواء فالقياس ان لا يفسد وفى الاستحسان يفسد احتياطا ولو أخرج البزاق من فيه ثم ابتلعه فعليه القضاء ولا كفارة عليه وكذا إذا ابتلع بزاق غيره لان هذا مما يعاف منه حتى لو ابتلع لعاب حبيبه أو صديقه ذكر الشيخ الإمام الزاهد شمس الأئمة الحلواني ان عليه القضاء والكفارة لان الحبيب لا يعاف ريق حبيبه أو صديقه ولو أكل
(٩٩)