الاكل بل يجب عليه كذا هنا والله أعلم واما حبل المرأة وارضاعها إذا خافتا الضرر بولدهما فمرخص لقوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وقد بينا أنه ليس المراد عين المرض فان المريض الذي لا يضره الصوم ليس له أن يفطر فكان ذكر المرض كناية عن أمر يضر الصوم معه وقد وجد ههنا فيدخلان تحت رخصة الافطار وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يفطر المريض والحبلى إذا خافت أن تضع ولدها والمرضع إذا خافت الفساد على ولدها وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع الصيام وعليهما القضاء ولا فدية عليهما عندنا وقال الشافعي عليهما القضاء والفدية لكل يوم مد من حنطة والمسألة مختلفة بين الصحابة والتابعين فروى عن علي من الصحابة والحسن من التابعين انهما يقضيان ولا يفديان وبه أخذ أصحابنا وروى عن ابن عمر من الصحابة ومجاهد من التابعين انهما يقضيان ويفديان وبه أخذ الشافعي احتج بقوله تعالى وعلى الذين يطيقون فدية طعام مسكين والحامل والمرضع يطيقان الصوم فدخلتا تحت الآية فتجب عليهما الفدية ولنا قوله تعالى فمن كان منكم مريضا الآية أوجب على المريض القضاء فمن ضم إليه الفدية فقد زاد على النص فلا يجوز الا بدليل ولأنه لما لم يوجب غيره دل انه كل حكم لحادثة لان تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز وقد ذكرنا أن المراد من المرض المذكور ليس صورة المرض بل معناه وقد وجد في الحامل والمرضع إذا خافتا على ولدهما فيدخلان تحت الآية فكان تقدير قوله تعالى فمن كان منكم مريضا فمن كان منكم به معنى يضره الصوم أو على سفر فعدة من أيام أخر وأما قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فقد قيل في بعض وجوه التأويل ان لا مضمرة في الآية معناه وعلى الذين لا يطيقونه وانه جائز في اللغة قال الله تعالى يبين الله لكم أن تضلوا أي لا تضلوا وفى بعض القراءات وعلى الذين يطوقونه ولا يطيقونه على أنه لا حجة له في الآية لان فيها شرع الفداء مع الصوم على سبيل التخيير دون الجمع بقوله تعالى وان تصوموا خير لكم وقد نسخ ذلك بوجوب صوم شهر رمضان حتما بقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه وعنده يجب الصوم والفداء جميعا دل أنه لا حجة له فيها ولان الفدية لو وجبت إنما تجب جبرا للفائت ومعنى الجبر يحصل بالقضاء ولهذا لم تجب على المريض والمسافر وأما الجوع والعطش الشديد الذي يخاف منه الهلاك فمبيح مطلق بمنزلة المرض الذي يخاف منه الهلاك بسبب الصوم لما ذكرنا وكذا كبر السن حتى يباح للشيخ الفاني أن يفطر في شهر رمضان لأنه عاجز عن الصوم وعليه الفدية عند عامة العلماء وقال مالك لا فدية عليه وجه قوله إن الله تعالى أوجب الفدية على المطيق للصوم بقوله تعالى وعلى الذي يطيقونه فدية طعام مسكين وهو لا يطيق الصوم فلا تلزمه الفدية وما قاله مالك خلاف اجماع السلف فان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجبوا الفدية على الشيخ الفاني فكان ذلك اجماعا منهم على أن المراد من الآية الشيخ الفاني اما على اضمار حرف لا في الآية على ما بينا واما على اضمار كانوا أي وعلى الذين كانوا يطيقونه أي الصوم ثم عجزوا عنه فدية طعام مسكين والله أعلم ولأن الصوم لما فاته مست الحاجة إلى الجابر وتعذر جبره بالصوم فيجبر بالفدية وتجعل الفدية مثلا للصوم شرعا في هذه الحالة للضرورة كالقيمة في ضمان المتلفات ومقدار الفدية مقدار صدقة الفطر وهو ان يطعم عن كل يوم مسكينا مقدار ما يطعم في صدقة الفطر وقد ذكرنا ذلك في صدقة الفطر وذكرنا الاختلاف فيه ثم هذه الاعذار كما ترخص أو تبيح الفطر في شهر رمضان ترخص أو تبيح في المنذور في وقت بعينه حتى لو جاء وقت الصوم وهو مريض مرضا لا يستطيع معه الصوم أو يستطيع مع ضرر أفطر وقضى وأما الذي يخص البعض دون البعض فاما صوم رمضان فيتعلق بفساده حكمان أحدهما وجوب القضاء والثاني وجوب الكفارة أما وجوب القضاء فإنه يثبت بمطلق الافساد سواء كان صورة ومعنى أو صورة لا معنى أو معنى لا صورة وسواء كان عمدا أو خطأ وسواء كان بعذر أو بغير عذر لان القضاء يجب جبرا للفائت فيستدعى فوات الصوم لا غير والفوات يحصل بمطلق الافساد فتقع الحاجة إلى الجبر بالقضاء ليقوم مقام الفائت فينجبر الفوات معنى واما وجوب الكفارة فيتعلق بافساد مخصوص وهو الافطار الكامل بوجود الاكل أو الشرب أو الجماع صورة ومعنى متعمدا من غير عذر
(٩٧)