بين هذا وبين ما إذا تزوجها على مهر صحيح وأرطال من خمر أن المهر ما يسمى لها إذا كان عشرة فصاعدا ويبطل الحرام وليس لها تمام مهر مثلها أو أكثر فليس لها الا ذلك لأنه وصل إليها قدر حقها وإن كان أقل من مهر مثلها يكمل لها مهر مثلها أيضا لان تسمية الخمر لم تصح في حق الانتفاع بها في حق المسلم إذ لا منفعة للمسلم فيها لحرمة الانتفاع بها في حق المسلم فلا يجوز أن يجب بفواتها عوض فالتحقت تسميتها بالعدم وصار كأنه لم يسم الا المهر الصحيح فلا يجب لها الا المهر الصحيح بخلاف المسألة الأولى وعلى هذا يخرج ما إذا أعتق أمته على أن تزوج نفسها منه فقبلت عتقت لأنه أعتقها بعوض فيزول ملكه بقبول العوض كما لو باعها وكما إذا قال لها أنت حرة على ألف درهم بخلاف ما إذا قال لعبده ان أديت إلى ألفا فأنت حر انه لا يعتق بالقبول ما لم يؤد لان ذلك ليس بمعاوضة بل هو تعليق وهو تعليق وهو تعليق الحرية بشرط الأداء إليه ولم يوجد الشرط ثم إذا أعتقت بالقبول فبعد ذلك لا يخلو اما ان زوجت نفسها منه واما ان أبت التزويج فان زوجت نفسها منه ينظر إن كان قد سمى لها مهرا آخر وهو مال سوى الاعتاق فلها المسمى إذا كان عشرة دراهم فصاعدا وإن كان دون العشرة تكمل عشرة وان لم يسم لها سوى الاعتاق فلها مهر مثلها في قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف صداقها اعتاقها ليس لها غير ذلك (وجه) قوله إن العتق بمعنى المال وبدليل أنه يجوز أخذ العوض عنه بأن أعتق عبده على مال فجاز أن يكون مهرا ولهما أن العتق ليس بمال حقيقة لان الاعتاق ابطال المالكية فكيف يكون العتق مالا الا أنه يجوز أخذ عوض هو مال عنه وهذا لا يدل على كونه مالا بنفسه ألا ترى أن الطلاق ليس بمال ولا يجوز أخذ العوض عنه وكذا القصاص وأخذ البدل عنه جائز ونفس الحر ليست بمال وان أبت ان تزوج نفسها منه لا تجبر على ذلك لأنها حرة ملكت نفسها فلا تجبر على النكاح لكنها تسعى في قيمتها للمولى عند أصحابنا الثلاثة وقال زفر لا سعاية عليها (وجه) قوله إن السعاية إنما تجب لتخليص الرقبة وهذه حرة خالصة فلا تلزمها السعاية (ولنا) أن المولى ما رضى بزوال ملكه عن رقبتها لا بنفع يقابله وهو تزويج نفسها منه وهذه منفعة مرغوب فيها وقد تعذر عليه استيفاء هذه المنفعة بمعنى من جهتها وهو اباؤها فيقام بدل قيمتها مقامها دفعا للضرر عنه وأما قوله السعاية إنما تجب لفكاك الرقبة وتخليصها وهي حرة خالصة فنقول السعاية قد تكون لتخليص الرقبة وهذا المستسعى يكون في حكم المكاتب على أصل أبي حنيفة وقد تكون لحق في الرقبة لا لفكاك الرقبة كالعبد المرهون إذا أعتقه الراهن وهو معسر كما إذا قال لعبده أنت حر على قيمة رقبتك فقبل حتى عتق كذا هذا ولو تزوج امرأة على عتق أبيها أو ذي رحم محرم منها أو على عتق عبد أجنبي عنها فهذا لا يخلو اما ان ذكر فيه كلمة عنها بأن قال أتزوجك على عتق أبيك عنك أو على عتق هذا العبد عنك وأشار إلى عبد أجنبي عنها واما ان لم يذكر فإن لم يذكر وقبلت عتق العبد والولاء للزوج لا لها لان المعتق هو الزوج والولاء لمن أعتق على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولها مهر مثلها ان لم يكن سمى لها مهرا آخر هو مال وإن كان قد سمى فلها المسمى لأنه علق العتق بقبولها النكاح فإذا قبلت عتق والعبد لا يصلح مهرا لأنه ليس بمال فإن كان هناك مال مسمى وجب ذلك لأنه صحت تسميته مهرا فوجب المسمى وان لم يكن فتسميته العتق مهرا لم يصح لأنه ليس بمال فيجب مهر المثل هذا إذا لم يذكر عنها فاما إذا ذكرت فقبلت عتق العبد عنها وثبت الولاء لها وصار ذلك مهرا لأنه لما ذكر العتق عنها ولا يكون العتق عنها الا بعد سبق الملك لها فملكته أولا ثم عتق عنها كمن قال لآخر أعتق عبدك عنى عن كفارة يميني على ألف درهم يجوز ويقع العتق عن الآمر وحال ما ملكته كان مالا فصلح أن يكون مهرا وهذا إذا تزوجها على العتق فاما إذا تزوجها على الاعتاق بأن تزوجها على أن يعتق هذا العبد فهذا أيضا لا يخلو من أحد وجهين اما أن ذكر فيه عنها واما ان لم يذكر فإن لم يذكر فقبلت صح النكاح ولا يعتق العبد ههنا بقبولها لأنه وعد ان يعتق والعتق لا يثبت بوعد
(٢٨١)