وكذا القصاص وعنده تصح التسمية لأنه يجوز أخذ العوض عن الطلاق والقصاص وكذلك إذا تزوجها على أن لا يخرجها من بلدها أو على أن لا يتزوج عليها فان المذكور ليس بمال وكذا لو تزوج المسلم المسلمة على ميتة أو دم أو خمر أو خنزير لم تصح التسمية لان الميتة والدم ليسا بمال في حق أحد والخمر والخنزير ليسا بمال متقوم في حق المسلم فلا تصح تسمية شئ من ذلك مهرا وعلى هذا يخرج نكاح الشغار وهو أن يزوج الرجل أخته لآخر على أن يزوجه الآخر أخته أو يزوجه ابنته أو يزوجه أمته وهذه التسمية فاسدة لان كل واحد منهما جعل بضع كل واحدة منهما مهر الأخرى والبضع ليس بمال ففسدت التسمية ولكل واحدة منهما مهر المثل لما قلنا والنكاح صحيح عندنا وعند الشافعي فاسد واحتج بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن نكاح الشغار والنهى يوجب فساد المنهى عنه ولان كل واحد منهما جعل بضع كل واحدة من المرأتين نكاحا وصداقا وهذا لا يصح ولنا أن هذا النكاح مؤبد أدخل فيه شرطا فاسدا حيث شرط فيه أن يكون بضع كل واحدة منهما مهر الأخرى والبضع لا يصلح مهرا والنكاح لا تبطله الشروط الفاسدة كما إذا تزوجها على أن يطلقها وعلى أن ينقلها من منزلها ونحو ذلك وبه تبين أنه لم يجتمع النكاح والصداق في بضع واحد لان جعل البضع صداقا لم يصح فأما النهى عن نكاح الشغار فنكاح الشغار هو النكاح الخالي عن العوض مأخوذ من قولهم شغر البلد إذا خلا عن السلطان وشغر الكلب إذا رفع احدى رجليه وعندنا هو نكاح بعوض وهو مهر المثل فلا يكون شغارا على أن النهى ليس عن عين النكاح لأنه تصرف مشروع مشتمل على مصالح الدين والدنيا فلا يحتمل النهى عن اخلاء النكاح عن تسمية المهر والدليل عليه ما روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة بالمرأة ليس لواحدة منهما مهر وهو إشارة إلى أن النهى لمكان تسمية المهر لا لعين النكاح فبقي النكاح صحيحا ولو تزوج حرا مرأة على أن يخدمها سنة فالتسمية فاسدة ولها مهر مثلها في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد التسمية صحيحة ولها قيمة خدمة سنة وعند الشافعي التسمية صحيحة ولها خدمة سنة وذكر ابن سماعة في نوادره انه إذا تزوجها على أن يرعى غنمها سنة أن التسمية صحيحة ولها رعى غنمها سنة ولفظ رواية الأصل يدل على أنها لا تصح في رعى الغنم كما لا تصح في الخدمة لان رعى غنمها خدمتها من مشايخنا من جعل في رعى غنمها روايتين ومنهم من قال يصح في رعى الغنم بالاجماع وإنما الخلاف في خدمته لها ولا خلاف في أن العبد إذا تزوج بإذن المولى امرأة على أن يخدمها سنة أن تصح التسمية ولها المسمى أما الشافعي فقد مر على أصله أن كل ما يجوز أخذ العوض عنه يصح تسميته مهرا ومنافع الحر يجوز أخذ العوض عنها لان إجارة الحر جائزة بلا خلاف فتصح تسميتها كما تصح تسمية منافع العبد وأما الكلام مع أصحابنا فوجه قول محمد أن منافع الحر مال لأنها مال في سائر العقود حتى يجوز أخذ العوض عنها فكذا في النكاح وإذا كانت مالا صحت التسمية الا انه تعذر التسليم لما في التسليم من استخدام الحرة زوجها وانه حرام لما نذكر فيجب الرجوع إلى قيمة الخدمة كما لو تزوجها على عبد فاستحق العبد انه يجب عليه قيمة العبد لان تسمية العبد قد صحت لكونه مالا لكن تعذر تسليمه بالاستحقاق فوجبت عليه قيمته لا مهر المثل لما قلنا كذا هذا وجه قولهما أن المنافع ليست بأموال متقومة على أصل أصحابنا ولهذا لم تكن مضمونة بالغصب والاتلاف وإنما يثبت لها حكم التقوم في سائر العقود شرعا ضرورة دفعا للحاجة بها ولا يمكن دفع الحاجة بها ههنا لان الحاجة لا تندفع الا بالتسليم وانه ممنوع عنه شرعا لان استخدام الحرة زوجها الحر حرام لكونه استهانة واذلالا وهذا لا يجوز ولهذا لا يجوز للابن أن يستأجر أباه للخدمة فلا تسلم خدمته لها شرعا فلا يمكن دفع الحاجة بها فلم يثبت لها التقوم فبقيت على الأصل فصار كما لو سمى ما لا قيمة له كالخمر والخنزير وهناك لا تصح التسمية ويجب مهر المثل كذا ههنا حتى لو كان المسمى فعلا لا استهانة فيه
(٢٧٨)