الله عليه وسلم ويدعو الله تعالى بحوائجه ويرفع يديه ويجعل بطون كفيه إلى السماء لما روى عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى على الصفا حتى بدا له البيت ثم كبر ثلاثا وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير لا إله إلا الله أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده وجعل يدعو بعد ذلك ثم يهبط نحو المروة فيمشي على هينته حتى ينتهى إلى بطن الوادي فإذا كان عند الميل الأخضر في بطن الوادي سعى حتى يجاوز الميل الأخضر فيسعى بين الميلين الأخضرين لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من الدعاء مشى نحو المروة حتى إذا انتصبت قدماه في بطن الوادي سعى وقال في سعيه رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم أنك أنت الأعز الأكرم وكان عمر رضي الله عنه إذا رمل بين الصفا والمروة قال اللهم استعملني بسنة نبيك وتوفني على ملته وأعذني من عذاب القبر ثم يمشى على هينته حتى يأتي المروة فيصعد عليها ويقوم مستقبل القبلة فيحمد الله تعالى ويثنى عليه ويكبر ويهلل ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويسأل الله تعالى حوائجه فيفعل على المروة مثل ما فعل على الصفا لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا فعل ويطوف بينهما سبعة أشواط هكذا يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ويسعى في بطن الوادي في كل شوط ويعد البداية شوطا والعود شوطا آخر خلافا لما قاله الطحاوي انهما يعدان جميعا شوطا واحدا وانه خلاف ظاهر الرواية لما بينا فيما تقدم فإذا فرغ من السعي فإن كان محرما بالعمرة ولم يسق الهدى يحلق أو يقصر فيحل لان أفعال العمرة هي الطواف والسعي فإذا أتى بهما لم يبق عليه شئ من أفعال العمرة فيحتاج إلى الخروج منها بالتحلل وذلك بالحلق أو التقصير كالتسليم في باب الصلاة والحلق أفضل لما ذكرنا فيما تقدم فإذا حلق أو قصر حل له جميع محظورات الاحرام وهذا الذي ذكرنا قول أصحابنا وقال الشافعي يقع التحلل من العمرة بالسعي ومن الحج بالرمي والمسألة قد مرت في بيان واجبات الحج وإن كان قد ساق الهدى لا يحلق ولا يقصر للعمرة بل يقيم حراما إلى يوم النحر لا يحل له التحلل الا يوم النحر عندنا وعند الشافعي سوق الهدى لا يمنع من التحلل ونذكر المسألة في التمتع إن شاء الله تعالى وإن كان محرما بالحج فإن كان مفردا به يقيم على احرامه ولا يتحلل لان افعال الحج عليه باقية فلا يجوز له التحلل إلى يوم النحر ومن الناس من قال يجوز له ان يفتتح احرام الحج بفعل العمرة وهو الطواف والسعي والتحلل منها بالحلق أو التقصير لما روى عن جابر رضي الله عنه ان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا أهلوا بالحج مفردين فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم أحلوا من احرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا ثم أقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية أهلوا بالحج فالجواب أن ذلك كان ثم نسخ وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال اشهد أن فسخ الاحرام كان خاصا للركب الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان قارنا فإنه يطوف طوافين ويسعى سعيين عندنا فيبدأ أولا بالطواف والسعي للعمرة فيطوف ويسعى للعمرة ثم يطوف ويسعى للحج كما وصفنا وعند الشافعي يطوف لهما جميعا طوافا واحدا ويسعى لهما سعيا واحدا وهذا بناء على أن القارن عندنا محرم باحرامين باحرام العمرة واحرام الحج ولا يدخل احرام العمرة في احرام الحج وعنده يحرم باحرام واحد ويدخل احرام العمرة في احرام الحج لان نفس العمرة لا تدخل في الحجة ولان الاحرام على أصله ركن لما نذكر فكان من أفعال الحج والافعال يجوز فيها التداخل كسجدة التلاوة والحدود وغيرها ولنا ما روى عن علي وعبد الله بن مسعود وعمران بن الحصين رضي الله عنهم ان النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين الحج والعمرة وطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين ولان القارن محرم بالعمرة ومحرم بالحجة حقيقة لان قوله لبيك بعمرة وحجة معناه لبيك بعمرة ولبيك بحجة كقوله جاءني زيد وعمرو ان معناه جاءني زيد وجاءني عمرو وإذا كان محرما بكل واحد منهما يطوف ويسعى لكل واحد منهما طوافا على حدة وسعيا على حدة وكذا تسمية القران يدل على ما قلنا إذ القران حقيقة يكون بين شيئين إذ هو ضم شئ إلى شئ ومعنى الضم حقيقة فيما قلنا لا فيما قاله واعتبار الحقيقة أصل في الشريعة وأما الحديث فمعناه دخل وقت العمرة في وقت الحج لان سبب ذلك أنهم كانوا يعدون العمرة في وقت الحج من أفجر الفجور ثم
(١٤٩)