رخص لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة أي دخل وقت العمرة في وقت الجمعة وهو أشهر الحج ويحتمل ما قلنا ويحتمل ما قاله فلا يكون حجة مع الاحتمال ولو طاف القارن طوافين متواليين وسعى سعيين متواليين أجزأه وقد أساء اما الجواز فلانه أتى بوظيفة من الطوافين والسعيين وأما الإساءة فلتركه السنة وهي تقديم أفعال الحج على أفعال العمرة ولو طاف أولا بحجته وسعى لها ثم طاف لعمرته وسعى لها فنيته لغو وطوافه الأول وسعيه يكونان للعمرة لما مر أن أفعال العمرة تترتب على ما أوجبه احرامه واحرامه أوجب تقديم أفعال العمرة على أفعال الحج فلغت نيته وإذا فرغ من أفعال العمرة لا يحلق ولا يقصر لأنه بقي محرما باحرام الحج وإن كان متمتعا فإذا قدم مكة فإنه يطوف ويسعى لعمرته ثم يحرم بالحج في أشهر الحج ويلبس الإزار والرداء ويلبى بالحج لان هذا ابتداء دخوله في الحج للاحرام بالحج وله ان يحرم من جوف مكة أو من الأبطح أو من أي حرم شاء وله ان يحرم يوم التروية عند الخروج إلى منى وقيل يوم التروية وكلما قدم الاحرام بالحج على يوم التروية فهو أفضل عندنا وقال الشافعي الأفضل ان يحرم يوم التروية واحتج بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالاحرام يوم التروية فدل ان ذلك أفضل ولنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أراد الحج فليتعجل وأدنى درجات الامر الندب ولان التعجيل من باب المسارعة إلى العبادة فكان أولي ولأنه أشق على البدن لأنه إذا أحرم بالحج يحتاج إلى الاجتناب عن محظورات الاحرام وأفضل الاعمال أحمزها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الحديث فإنما ندب إلى الاحرام بالحج يوم التروية لركن خاص اختار لهم الأيسر على الأفضل ألا ترى انه أمرهم بفسخ احرام الحج وانه لا يفسخ اليوم وإذا أحرم المتمتع بالحج فلا يطوف بالبيت ولا يسعى في قول أبي حنيفة ومحمد لان طواف القدوم للحج لمن قدم مكة باحرام الحج والمتمتع إنما قدم مكة باحرام العمرة لا باحرام الحج وإنما يحرم للحج من مكة وطواف القدوم لا يكون بدون القدوم وكذلك لا يطوف ولا يسعى أيضا لان السعي بدون الطواف غير مشروع ولان المحل الأصلي للسعى ما بعد طواف الزيارة لان السعي واجب وطواف الزيارة فرض والواجب يصلح تبعا للفرض فأما طواف القدوم فسنة والواجب لا يتبع السنة الا أنه رخص تقديمه على محله الأصلي عقيب طواف القدوم فصار واجبا عقيبه بطريق الرخصة وإذا لم يوجد طواف القدوم يؤخر السعي إلى محله الأصلي فلا يجوز قبل طواف الزيارة وروى الحسن عن أبي حنيفة ان المتمتع إذا أحرم بالحج يوم التروية أو قبله فان شاء طاف وسعى قبل إن يأتي إلى منى وهو أفضل وروى هشام عن محمد انه ان طاف وسعى لا بأس به ووجه ذلك ان هذا الطواف ليس بواجب بل هو سنة وقد ورد الشرع بوجوب السعي عقيبه وإن كان واجبا رخصة وتيسيرا في حق المفرد بالحج والقارن فكذا المتمتع والجواب نعم انه سنة لكنه سنة القدوم للحج لمن قدم باحرام الحج والمتمتع لم يقدم مكة باحرام الحج فلا يكون سنة في حقه وعن الحسن بن زياد انه فرق بينهما قبل الزوال وبعده فقال إذا أحرم يوم التروية طاف وسعى الا أن يكون أحرم بعد الزوال ووجهه ان بعد الزوال يلزمه الخروج إلى منى فلا يشتغل بغيره وقبل الزوال لا يلزمه الخروج فكان له ان يطوف ويسعى والجواب ما ذكرنا وإذا فرغ المفرد بالحج أو القارن من السعي يقيم على احرامه ويطوف طواف التطوع ماشيا إلى يوم التروية لان الطواف خير موضوع كالصلاة فمن شاء استقل ومن شاء استكثر وطواف التطوع أفضل من صلاة التطوع للغرباء واما لأهل مكة فالصلاة أفضل لان الغرباء يفوتهم الطواف إذ لا يمكنهم الطواف في كل مكان ولا تفوتهم الصلاة لأنه يمكن فعلها في كل مكان وأهل مكة لا يفوتهم الطواف ولا الصلاة فعند الاجتماع الصلاة أفضل وعلى هذا الغازي الحارس في دار الحرب انه إن كان هناك من ينوب عنه في دار الحرب فصلاة التطوع أفضل له وان لم يكن فالحراسة أفضل ولا يرمل في هذا الطواف بل يمشى على هينته ولا يسعى بعده بين الصفا والمروة غير السعي الأول ويصلى لكل أسبوع ركعتين في الوقت الذي لا يكره فيه التطوع ويكره الجمع بين أسبوعين من غير صلاة بينهما عند أبي حنيفة ومحمد سواء انصرف
(١٥٠)