أمر موهوم لا يغلب وجوده فلا يؤثر في إزالة الثابت ومن مشايخنا من جعل الأسئار خمسة أقسام أربعة منها ما ذكرنا وجعل الخامس منها السؤر النجس المتفق على نجاسته وهو سؤر الخنزير وليس كذلك لان في الخنزير خلاف مالك كما في الكلب فانحصرت القسمة على أربعة (ومنها) الخمر والسكر أما الخمر فلان الله تعالى سماه رجسا في آية تحريم الخمر فقال رجس من عمل الشيطان والرجس هو النجس ولان كل واحد منهما حرام والحرمة لا للاحترام دليل النجاسة (ومنها) غسالة النجاسة الحقيقية وجملة الكلام ان غسالة النجاسة نوعان غسالة النجاسة الحقيقية وغسالة النجاسة الحكمية وهي الحدث اما غسالة النجاسة الحقيقية وهي ما إذا غسلت النجاسة الحقيقية ثلاث مرات فالمياه الثلاث نجسة لأن النجاسة انتقلت إليها إذ لا يخلو كل ماء عن نجاسة فأوجب تنجيسها وحكم المياه الثلاث في حق المنع من جواز التوضؤ بها والمنع من جواز الصلاة بالثوب الذي أصابته سواء لا يختلف وأما في حق تطهير المحل الذي أصابته فيختلف حكمها حتى قال مشايخنا ان الماء الأول إذا أصاب ثوبا لا يطهر الا بالعصر والغسل مرتين بعد العصر والماء الثاني يطهر بالغسل مرة بعد العصر والماء الثالث يطهر بالعصر لا غير لان حكم كل ماء حين كان في الثوب الأول كان هكذا فكذا في الثوب الذي أصابه واعتبروا ذلك بالدلو المنزوح من البئر النجسة إذا صب في بئر طاهرة ان الثانية تطهر بما تطهر به الأولى كذا هذا وهل يجوز الانتفاع بالغسالة فيما سوى الشرب والتطهير من بل الطين وسقى الدواب ونحو ذلك فإن كان قد تغير طعمها أو لونها أو ريحها لا يجوز الانتفاع لأنه لما تغير دل ان النجس غالب فالتحق بالبول وان لم يتغير شئ من ذلك يجوز لأنه لما لم يتغير دل ان النجس لم يغلب على الطاهر والانتفاع بما ليس بنجس العين مباح في الجملة وعلى هذا إذا وقعت الفارة في السمن فماتت فيه انه إن كان جامدا تلقى الفأرة وما حولها ويؤكل الباقي وإن كان ذائبا لا يؤكل ولكن يستصبح به ويدبغ به الجلد ويجوز بيعه وينبغي للبائع ان يبين عيبه فإن لم يبين وباعه ثم علم به المشترى فهو بالخيار ان شاء رده وان شاء رضى به وقال الشافعي رحمه الله لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به (واحتج) بما روى عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة ماتت في سمن فقال إن كان جامدا فالقوها وما حولها وكلوا الباقي وإن كان ذائبا فأريقوه ولو جاز الانتفاع به لما أمر بإراقته ولأنه نجس فلا يجوز الانتفاع به ولا بيعه كالخمر (ولنا) ما روى ابن عمر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة ماتت في سمن فقال تلقى الفأرة وما حولها ويؤكل الباقي فقيل يا رسول الله أرأيت لو كان السمن ذائبا فقال لا تأكلوا ولكن انتفعوا به وهذا نص في الباب ولأنها في الجامد لا تجاور الا ما حولها وفى الذائب تجاور الكل فصار الكل نجسا وأكل النجس لا يجوز فاما الانتفاع بما ليس بنجس العين فمباح كالثوب النجس وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقاء ما حولها في الجامد وإراقة الذائب في حديث أبي موسى لبيان حرمة الاكل لان معظم الانتفاع بالسمن هو الاكل والحد الفاصل بين الجامد والذائب انه إن كان بحال لوقور ذلك الموضع لا يستوى من ساعته فهو جامد وإن كان يستوى من ساعته فهو ذائب وإذا دبغ به الجلد يؤمر بالغسل ثم إن كان ينعصر بالعصر يغسل ويعصر ثلاث مرات وإن كان لا ينعصر لا يطهر عند محمد أبدا وعند أبي يوسف يغسل ثلاث مرات ويجفف في كل مرة وعلى هذا مسائل نذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى (واما) غسالة النجاسة الحكمية وهي الماء المستعمل فالكلام في الماء المستعمل يقع في ثلاثة مواضع أحدها في صفته أنه طاهر أم نجس والثاني في أنه في أي حال يصبر مستعملا والثالث في أنه باي سبب يصير مستعملا (أما) الأول فقد ذكر في ظاهر الرواية أنه لا يجوز التوضؤ به ولم يذكر أنه طاهر أم نجس وروى محمد عن أبي حنيفة أنه طاهر غير طهور وبه أخذ الشافعي وهو أظهر أقوال الشافعي وروى أبو يوسف والحسن بن زياد عنه أنه نجس غير أن الحسن روى عنه أنه نجس نجاسة غليظة يقدر فيه بالدرهم وبه أخذ وأبو يوسف روى عنه أنه نجس نجاسة خفيفة يقدر فيه بالكثير الفاحش وبه أخذ وقال زفر إن كان المستعمل متوضأ فالماء المستعمل طاهر وطهور وإن كان محدثا فهو طاهر غير طهور وهو أحد أقاويل الشافعي وفى
(٦٦)