العرنيين وعند أبي حنيفة لا يباح لان الاستشفاء بالحرام الذي لا يتيقن حصول الشفاء به حرام وكذا بما لا يعقل فيه الشفاء ولا شفاء فيه عند الأطباء والحديث محمول على أنه صلى الله عليه وسلم شفاء أولئك فيه على الخصوص والله أعلم (وأما) الأرواث فكلها نجسة عند عامة العلماء وقال زفر روث ما يؤكل لحمه طاهر وهو قول مالك (واحتج) بما روى أن الشبان من الصحابة في منازلهم وفي السفر كانوا يترامون بالجلة وهي البعرة اليابسة ولو كانت نجسة لما مسوها وعلل مالك بأنه وقود أهل المدينة يستعملونه استعمال الحطب (ولنا) ما روينا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم طلب منه أحجار الاستنجاء فاتى بحجرين وروثة فأخذ الحجرين ورمى الروثة وقال إنها ركس أي نجس ولان معنى النجاسة موجود فيها وهو الاستقذار في الطباع السليمة لاستحالتها إلى نتن وخبث رائحة مع امكان التحرز عنه فكانت نجسة (ومنها) خرء بعض الطيور من الدجاج والبط وجملة الكلام فيه ان الطيور نوعان نوع لا يذرق في الهواء ونوع يذرق في الهواء (اما) ما لا يذرق في الهواء كالدجاج والبط فخرؤهما نجس لوجود معنى النجاسة فيه وهو كونه مستقذرا لتغيره إلى نتن وفساد رائحة فأشبه العذرة وفي الإوز عن أبي حنيفة روايتان روى أبو يوسف عنه انه ليس بنجس وروى الحسن عنه انه نجس (وما) يذرق في الهواء نوعان أيضا ما يؤكل لحمه كالحمام والعصفور والعقعق ونحوها وخرؤها طاهر عندنا وعند الشافعي نجس وجه قوله إن الطبع قد أحاله إلى فساد فوجد معنى النجاسة فأشبه الروث والعذرة (ولنا) اجماع الأمة فإنهم اعتادوا اقتناء الحمامات في المسجد الحرام والمساجد الجامعة مع علمهم انها تذرق فيها ولو كان نجسا لما فعلوا ذلك مع الامر بتطهير المسجد وهو قوله تعالى ان طهرا بيتي للطائفين وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما ان حمامة ذرقت عليه فمسحه وصلى وعن ابن مسعود رضي الله عنه مثل ذلك في العصفور وبه تبين ان مجرد إحالة الطبع لا يكفي للنجاسة ما لم يكن للمستحيل نتن وخبث رائحة تستخبثه الطباع السليمة وذلك منعدم ههنا على أنا ان سلمنا ذلك لكان التحرز عنه غير ممكن لأنها تذرق في الهواء فلا يمكن صيانة الثياب والأواني عنه فسقط اعتباره للضرورة كدم البق والبراغيث وحكى مالك في هذه المسألة الاجماع على الطهارة ومثله لا يكذب فلئن لم يثبت الاجماع من حيث القول يثبت من حيث الفعل وهو ما بينا وما لا يؤكل لحمه كالصقر والبازي والحدأة وأشباه ذلك خرؤها طاهر عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد نجس نجاسة غليظة وجه قوله إنه وجد معنى النجاسة فيه لإحالة الطبع إياه إلى خبث ونتن رائحة فأشبه غير المأكول من البهائم ولا ضرورة إلى اسقاط اعتبار نجاسته لعدم المخالطة لأنها تكن المروج والمفاوز بخلاف الحمام ونحوه (ولهما) أن الضرورة متحققة لأنها تذرق في الهواء فيتعذر صيانة الثياب والأواني عنها وكذا المخالطة ثابتة بخلاف الدجاج والبط لأنهما لا يذرقان في الهواء فكانت الصيانة ممكنة وخرء الفارة نجس لاستحالته إلى خبث ونتن رائحة واختلفوا في الثوب الذي أصابه بولها حكى عن بعض مشايخ بلخ أنه قال لو ابتليت به لغسلته فقيل له من لم يغسله وصلى فيه فقال لا آمره بالإعادة وبول الخفافيش وخرؤها ليس بنجس لتعذر صيانة الثياب والأواني عنه لأنها تبول في الهواء وهي فأرة طيارة فلهذا تبول (ومنها) الميتة التي لها دم سائل وجملة الكلام في الميتات أنها نوعان أحدهما ما ليس له دم سائل والثاني ماله دم سائل (أما) الذي ليس له دم سائل فالذباب والعقرب والزنبور والسرطان ونحوها وانه ليس بنجس عندنا وعند الشافعي نجس الا الذباب والزنبور فله فيهما قولان (واحتج) بقوله تعالى حرمت عليكم الميتة والحرمة لا للاحترام دليل النجاسة (ولنا) ما روى عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال موت كل حيوان ليس له نفس سائلة في الماء لا يفسد وهذا نص في الباب وروى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ثم انقلوه فان في أحد جناحيه داء وفي الاخر دواء وهو يقدم الداء على الدواء ولا شك أن
(٦٢)