الاستنجاء بالماء لما روى عن جماعة من الصحابة منهم علي ومعاوية وابن عمر وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه انهم كانوا يستنجون بالماء بعد الاستنجاء بالأحجار حتى قال ابن عمر فعلناه فوجدناه دواء وطهورا وعن الحسن البصري انه كان يأمر الناس بالاستنجاء بالماء بعد الاستنجاء بالأحجار ويقول إن من كان قبلكم كان يبعر بعرا وأنتم تثلطون ثلطا فاتبعوا الحجارة الماء وهو كان من الآداب في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وغسل مقعده بالماء ثلاثا ولما نزل قوله تعالى فيه رجال يحبون ان يتطهروا والله يحب المتطهرين في أهل قبا سألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شانهم فقالوا انا نتبع الحجارة الماء ثم صار بعد عصره من السنن باجماع الصحابة كالتراويح والسنة فيه اي يغسل بيساره لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اليمين للوجه واليسار للمقعد ثم العدد في الاستنجاء بالماء ليس بلازم وإنما المعتبر هو الانقاء فإن لم يكفه الغسل ثلاثا يزيد عليه وإن كان الرجل موسوسا فلا ينبغي المزيد على السبع لان قطع الوسوسة واجب والسبع هو نهاية العدد الذي ورد الشرع به في الغسل في الجملة كما في حديث ولوغ الكلب (وأما) كيفية الاستنجاء فينبغي ان يرخي نفسه ارخاء تكميلا للتطهير وينبغي ان يبتدأ بإصبع ثم بإصبعين ثم بثلاث أصابع لان الضرورة تندفع به ولا يجوز تنجيس الطاهر من غير ضرورة وينبغي ان يستنجى ببطون الأصابع لا برؤوسها كي لا يشبه ادخال الإصبع في العورة وهذا في حق الرجل واما المرأة فقال بعضهم تفعل مثل ما يفعل الرجل وقال بعضهم ينبغي ان تستنجي برؤوس الأصابع لان تطهير الفرج الخارج في باب الحيض والنفاس والجنابة واجب وفي باب الوضوء سنة ولا يحصل ذلك الا برؤوس الأصابع (وأما) الذي هو في أثناء الوضوء (فمنها) المضمضة والاستنشاق وقال أصحاب الحديث منهم أحمد بن حنبل هما فرضان في الوضوء والغسل جميعا وقال الشافعي سنتان فيهما جميعا فأصحاب الحديث احتجوا بمواظبته صلى الله عليه وسلم عليهما في الوضوء والشافعي يقول الامر بالغسل عن الجنابة يتعلق بالظاهر دون الباطن وداخل الانف والفم من البواطن فلا يجب غسله (ولنا) ان الواجب في باب الوضوء غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس وداخل الانف والفم ليس من جملتها اما ما سوى الوجه فظاهر وكذا الوجه لأنه اسم لما يواجه إليه عادة وداخل الانف والفم لا يواجه إليه بكل حال فلا يجب غسله بخلاف باب الجنابة لان الواجب هنا تطهير البدن بقوله تعالى وان كنتم جنبا فاطهروا اي طهروا أبدانكم فيجب غسل ما يمكن غسله من غير حرج ظاهرا كان أو باطنا ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما في الوضوء دليل السنية دون الفرضية فإنه كان يواظب على سنن العبادات (ومنها) الترتيب في المضمضة والاستنشاق وهو تقديم المضمضة على الاستنشاق لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على التقديم (ومنها) افراد كل واحد منهما بماء على حدة عندنا وعند الشافعي السنة الجمع بينهما بماء واحد بان يأخذ الماء بكفه فيتمضمض ببعضه ويستنشق ببعضه واحتج بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق بكف واحد (ولنا) ان الذين حكوا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذوا لكل واحد منهما ماء جديدا ولأنهما عضوان منفردان فيفرد كل واحد منهما بماء على حدة كسائر الأعضاء وما رواه محتمل يحتمل انه تمضمض واستنشق بكف واحد بماء واحد ويحتمل انه فعل ذلك بماء على حدة فلا يكون حجة مع الاحتمال أو يرد المحتمل إلى المحكم وهو ما ذكرنا توفيقا بين الدليلين (ومنها) المضمضة والاستنشاق باليمين وقال بعضهم المضمضة باليمين والاستنشاق باليسار لان الفم مطهرة والانف مقذرة واليمين للأطهار واليسار للأقذار (ولنا) ما روى عن الحسن بن علي رضي الله عنه انه استنثر بيمينه فقال له معاوية جهلت السنة فقال الحسن رضي الله عنه كيف أجهل والسنة خرجت من بيوتنا اما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اليمين للوجه واليسار للمقعد (ومنها) المبالغة في المضمضة والاستنشاق الا في حال الصوم فيرفق لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للقيط بن صبرة بالغ في المضمضة والاستنشاق الا أن تكون صائما فارفق ولان المبالغة فيهما من باب التكميل في التطهير فكانت مسنونة الآن في حال الصوم لما فيها من تعريض الصوم للفساد (ومنها) الترتيب
(٢١)