النبيذ إلى التراب فقد خالف الكتاب وهؤلاء طعنوا في حديث عبد الله بن مسعود من وجوه (أحدها) انهم قالوا رواه أبو فزارة عن أبي زيد عن ابن مسعود وأبو فزارة هذا كان به إذا بالكوفة وأبو زيد مجهول (ومنها) انه قيل لعبد الله بن مسعود هل كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال ليتني كنت وسئل تلميذه علقمة هل كان صاحبكم مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال وددنا إن كان (د ومنها) انه من أخبار الآحاد ورد على مخالفة الكتاب ومن شرط ثبوت خبر الواحد أن لا يخالف الكتاب فإذا خالف لم يثبت أو ثبت لكنه نسخ به لان ليلة الجن كانت بمكة وهذه الآية نزلت بالمدينة * وجه رواية الحسن وهو قول محمد انه قام ههنا دليلان أحدهما انه يقتضى وجوب الوضوء بنبيذ التمر وهو حديث ابن مسعود ا رضي الله عنه والآخر يقتضى وجوب التيمم وهو قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا والعمل بالدليلين واجب إذا أمكن العمل بهما وههنا أمكن إذ لا تنافي بين وجوب الوضوء والتيمم فيجمع بينهما كما في سؤر الحمار ولأبي حنيفة ما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسا في بيت فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ليقم منكم من ليس في قلبه مثقال ذرة من كبر فقمت وفى رواية فلم يقم منا أحد فأشار إلي بالقيام فقمت ودخلت البيت فتزودت بإداوة من نبيذ فخرجت معه فحط لي خطا ان خرجت من هذا لم ترني إلى يوم القيامة فقمت قائما حتى انفجرا الصبح فإذا أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عرق جبينه كأنه حارب جنا فقال لي يا ابن مسعود هل معد ماء أتوضأ به فقلت لا الا نبيذ تمر في إداوة فقال ثمرة طيبة بن وماء طهور فأخذ ذلك وتوضأ به وصلى الفجر وكذا جماعة من الصحابة منهم على ى مسعود وابن عباس رضي الله عنهم كانوا يجوزون التوضؤ بنبيذ التمر وروى عن رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال نبيذ التمر وضوء من لم يجد ولا الماء وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال توضأوا بنبيذ التمر تتوضأوا باللبن وروى عن أبي العالية الرياحي أنه قال كنت في جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفينة في البحر فحضرت الصلاة ففنى ماؤهم ومعهم نبيذ التمر فتوضأ بعضهم بنبيذ التمر وكره التوضؤ بماء البحر وتوضأ بعضهم بماء البحر وكره التوضؤ بنبيذ التمر وهذا حكاية الاجماع فان من كان يتوضأ ب البحر كان يعتقد جواز التوضؤ بماء البحر فلم يتوضأ بنبيذ التمر لكونه واجدا للماء المطلق ومن كان يتوضأ بالنبيذ كان لا يرى ماء البحر طهورا أو كان يقول هو ماء سخطة ونقمة كأنه لم يبلغه قوله صلى الله عليه وسلم في صفة البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته فتوضأ بنبيذ التمر لكونه عاد ما للماء الطاهر وبه تبين أن ه الحديث ورد مورد الشهرة والاستفاضة حيث عمل به الصحابة رضي الله عنهم وتلقوه بالقبول فصار موجبا علما استدلاليا كخبر المعراج والقدر خيرة وشره من الله وأخبار الرؤية والشفاعة وغير ذلك مما كان الراوي في الأصل واحدا ثم اشتهر وتلقته لان العلماء بالقبول ومثله مما ينسخ به الكتاب مع ما انه لا حجة لهم في الكتاب من عدم نبيذا التمر في الاسفار يسبق عدم الماء عادة لأنه أعسر وجودا وأعز إصابة لم الماء فكان تعليق جواز التيمم بعدم الماء تعليقا بعدم النبيذ دلالة فكأنه قال تجدوا ماء ولا نبيذ تمر فتيمموا الا أنه لم ينص عليه لثبوته عادة يؤيد هذا ذكرنا من فتاوى نجباء الصحابة رضي الله عنهم في زمان انسد فيه باب الوحي أنهم كانوا أعرف الناس بالناسخ والمنسوخ فبطل دعوى النسخ وما ذكروا من الطعن في الراوي أما أبو فزارة فقد ذكره مسلم في الصحيح فلا مطعن لاحد فيه وأما أبو زيد فقد قال صاعد وهو من زهاد التابعين وأما أبو زيد فهو مولى عمرو بن حريث فكان معروفا في نفسه وبمولاه فالجهل بعدالته لا يقدح في روايته على أنه قد روى هذا الحديث من طرق أخر غير هذا الطريق لا يتطرق إليها طعن وقولهم إن ابن مسعود لم يكن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن دعوى باطلة لما روينا أ ع تركه في الخط وكذا روى كونه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في خبر آخر أ الفقهاء على العمل به وهو انه طلب منه أحجارا للاستنجاء فاتاه بحجرين وروثة فالقى الروثة وقال إنها
(١٦)