الله عليه وسلم ولكن لم يواظب عليه وهذا هو الفرق بين السنة والأدب ان السنة ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتركه الا مرة أو مرتين لمعنى من المعاني والأدب ما فعله مرة أو مرتين ولم يواظب عليه * (فصل) * وأما بيان ما ينقض الوضوء فالذي ينقضه الحدث والكلام في الحدث في الأصل في موضعين أحدهما في بيان ماهيته والثاني في بيان حكمه أما الأول فالحدث نوعان حقيقي وحكمي أما الحقيقي فقد اختلف فيه قال أصحابنا الثلاثة هو خروج النجس من الادمي الحي سواء كان من السبيلين الدبر والذكر أو فرج المرأة أو من غير السبيلين الجرح والقرح والانف من الدم والقيح والرعاف والقئ وسواء كان الخارج من السبيلين معتادا كالبول والغائط والمني والمذي والودي ودم الحيض والنفاس أو غير معتاد كدم الاستحاضة وقال زفر ظهور النجس من الآدمي الحي وقال مالك في قول هو خروج النجس المعتاد من السبيل المعتاد فلم يجعل دم الاستحاضة حدثا لكونه غير معتاد وقال الشافعي هو خروج شئ من السبيلين فليس بحدث وهو أحد قولي مالك أما قول مالك فمخالف للسنة وهو قوله صلى الله عليه وسلم المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة وقوله للمستحاضة توضئي وصلى وان قطر الدم على الحصير قطرا وقوله توضئي فإنه دم عرق انفجر ولان المعنى الذي يقتضى كون الخروج من السبيلين حدثا لا يوجب الفصل بين المعتاد وغير المعتاد لما يذكر فالفصل يكون تحكما على الدليل وأما الكلام مع الشافعي فهو احتج بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قاء فغسل فمه فقيل له الا تتوضأ وضوءك للصلاة فقال هكذا الوضوء من القئ وعن عمر رضي الله عنه انه حين طعن كان يصلى والدم يسيل منه ولان خروج النجس من البدن زوال النجس عن البدن وزوال النجس عن البدن كيف يوجب تنجيس البدن مع أنه لا نجس على أعضاء الوضوء حقيقة وهذا هو القياس في السبيلين الا ان الحكم هناك عرف بالنص غير معقول فيقتصر على مورد النص (ولنا) ما روى عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرفت له غرفة فأكلها فجاء المؤذن فقلت الوضوء يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم إنما علينا الوضوء مما يخرج ليس مما يدخل علق الحكم بكل ما يخرج أو بمطلق الخارج من غير اعتبار المخرج الا ان خروج الطاهر ليس بمراد فبقي خروج النجس مرادا وروى عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن علي صلاته ما لم يتكلم والحديث حجة على الشافعي في فصلين في وجوب الوضوء بخروج النجس من غير السبيلين وفي جواز البناء عند سبق الحدث في الصلاة وروى أنه قال لفاطمة بنت حبيش توضئي فإنه دم عرق انفجر أمرها بالوضوء وعلل بانفجار دم العرق لا بالمرور على المخرج وعن تيمم الداري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الوضوء من كل دم سائل والاخبار في هذا الباب وردت مورد الاستفاضة حتى روى عن عشرة من الصحابة انهم قالوا مثل مذهبنا وهم عمر وعثمان وعلى وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وثوبان وأبو الدرداء وقيل في التاسع والعاشر انهما زيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وهؤلاء فقهاء الصحابة متبع لهم في فتواهم فيجب تقليدهم وقيل إنه مذهب العشرة المبشرين بالجنة ولان الخروج من السبيلين إنما كان حدثا لأنه يوجب تنجيس ظاهر البدن لضرورة تنجس موضع الإصابة فتزول الطهارة ضرورة إذ النجاسة والطهارة ضدان فلا يجتمعان في محل واحد في زمان واحد ومتى زالت الطهارة عن ظاهر البدن خرج من أن يكون أهلا للصلاة التي هي مناجاة مع الله تعالى فيجب تطهيره بالماء ليصير أهلا لها وما رواه الشافعي محتمل يحتمل انه قاء أقل من ملء الفم وكذا اسم الوضوء يحتمل غسل الفم فلا يكون حجة مع الاحتمال أو محمله على ما قلنا توفيقا بين الدلائل وأما حديث عمر فليس فيه انه كان يصلى بعد الطعن من غير تجديد الوضوء بل يحتمل انه توضأ بعد الطعن مع سيلان الدم وصلى وبه نقول كما في المستحاضة وقوله إن خروج النجس عن البدن زوال النجس عن البدن فكيف يوجب تنجسه مسلم انه يزول به شئ من نجاسة الباطن لكن يتنجس به الظاهر لان القدر الذي زال إليه أوجب زوال الطهارة عنه والبدن في حكم الطهارة والنجاسة لا يتجزأ والعزيمة هي غسل كل البدن الا أنه أقيم غسل أعضاء الوضوء مقام غسل كل
(٢٤)