ظهر النجس من الآدمي الحي فيكون حدثا وانا نقول له مع الظاهر حكم الظاهر كما ذكره زفر وله مع الباطن حكم الباطن بدليل أن الصائم إذا ابتلع ريقه لا يفسد صومه فلا يكون الخروج إلى الفم حدثا لأنه انتقال من بعض الباطن إلى بعض وإنما الحدث هو الخروج من الفم لأنه انتقال من الباطن إلى الظاهر والخروج لا يتحقق في القليل لأنه يمكن رده وامساكه فلا يخرج بقوة نفسه بل بالاخراج فلا يوجد السيلان ويتحقق في الكثير لأنه لا يمكن رده وامساكه فكان خارجا بقوة نفسه لا بالاخراج فيوجد السيلان ثم نتكلم في المسألة ابتداء فحجة زفر ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال القلس حدث من غير فصل بين القليل والكثير ولان الحدث اسم لخروج النجس وقد وجد لان القليل خارج نجس كالكثير فيستوي فيه القليل والكثير كالخارج من السبيلين (ولنا) ما روى عن علي رضي الله عنه موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انه عد الاحداث جملة وقال فيها أو دسعة تملأ الفم ولو كان القليل حدثا لعده عند عد الاحداث كلها (واما) الحديث فالمراد منه القئ ملء الفم لأن المطلق ينصرف إلى المتعارف وهو القئ ملء الفم أو يحمل على هذا توفيقا بين الحديثين صيانة لهما عن التناقض وقوله وجد خروج النجس في القليل قلنا إن سلمنا ذلك ففي قليل القئ ضرورة لان الانسان لا يخلو منه خصوصا حال الامتلاء ومن صاحب السعال ولو جعل حدثا لوقع الناس في الحرج والله تعالى ما جعل علينا في الدين من حرج ولا ضرورة في القليل من السبيلين ولا فرق بين أن يكون القئ مرة صفراء أو سوداء وبين أن يكون طعاما أو ماء صافيا لان الحدث اسم لخروج النجس والطعام أو الماء صار نجسا لاختلاطه بنجاسات المعدة ولم يذكر في ظاهر الرواية تفسير ملء الفم وقال أبو علي الدقاق هو أن يمنعه من الكلام وعن الحسن بن زياد هو ان يعجز عن امساكه ورده وعليه اعتمد الشيخ أبو منصور وهو الصحيح لان ما قدر على امساكه ورده فخروجه لا يكون بقوة نفسه بل بالاخراج فلا يكون سائلا وما عجز عن امساكه ورده فخروجه يكون بقوة نفسه فيكون سائلا والحكم متعلق بالسيلان ولو قاء أقل من ملء الفم مرارا هل يجمع ويعتبر حدثا لم يذكر في ظاهر الرواية وروى عن أبي يوسف انه إن كان في مجلس واحد يجمع والا فلا وروى عن محمد انه إن كان بسبب غثيان واحد يجمع والا فلا وقال أبو علي الدقاق يجمع كيفما كان وجه قول أبى يوسف أن المجلس جعل في الشرع جامعا لأشياء متفرقة كما في باب البيع وسجدة التلاوة ونحو ذلك وقول محمد أظهر لان اعتبار المجلس اعتبار المكان واعتبار الغثيان اعتبار السبب والوجود يضاف إلى السبب لا إلى المكان ولو سال الدم إلى ما لان من الانف أو إلى صماخ الاذن يكون حدثا لوجود خروج النجس وهو انتقال الدم من الباطن إلى الظاهر وروى عن محمد في رجل أقلف خرج البول أو المذي من ذكره حتى صار في قلفته فعليه الوضوء وصار بمنزلة المرأة إذا خرج المذي أو البول من فرجها ولم يظهر ولو حشا الرجل إحليله بقطنة فابتل الجانب الداخل منها لم ينتقض وضوؤه لعدم الخروج وان تعدت البلة إلى الجانب الخارج ينظر إن كانت القطنة عالية أو محاذية لرأس الإحليل ينتقض وضوؤه لتحقق الخروج وإن كانت متسفلة لم ينتقض لان الخروج لم يتحقق ولو حشت المرأة فرجها بقطنة فان وضعتها في الفرج الخارج فابتل الجانب الداخل من القطنة كان حدثا وان لم ينفذ إلى الجانب الخارج لا يكون حدثا لان الفرج الخارج منها بمنزلة الأليتين من الدبر فوجد الخروج وان وضعتها في الفرج الداخل فابتل الجانب الداخل من القطنة لم يكن حدثا لعدم الخروج وان تعدت البلة إلى الجانب الخارج فإن كانت القطنة عالية أو محاذية لجانب الفرج كان حدثا لوجود الخروج وإن كانت متسفلة لم يكن حدثا لعدم الخروج وهذا كله إذا لم تسقط القطنة فان سقطت القطنة فهو حدث وحيض في المرأة سواء ابتل الجانب الخارج أو الداخل لوجود الخروج ولو كان في أنفه قرح فسال الدم عن رأس القرح يكون حدثا وان لم يخرج من المنخر لوجود السيلان عن محله ولو بزق فخرج معه الدم إن كانت الغلبة للبزاق لا يكون حدثا لأنه ما خرج بقوة نفسه وإن كانت الغلبة للدم يكون حدثا لان الغالب إذا كان هو البزاق لم يكن خارجا بقوة نفسه فلم يكن سائلا وإن كان الغالب هو الدم كان خروجه بقوة نفسه فكان سائلا وإن كانا سواء
(٢٦)