الصلاة كاملة فلا تتأدى بالناقصة فهو الفرق والله أعلم وأما بيان كيفية قضاء هذه الصلوات فالأصل ان كل صلاة ثبت وجوبها في الوقت وفاتت عن وقتها انه يعتبر في كيفية قضائها وقت الوجوب وتقضى على الصفة التي فاتت عن وقتها لان قضاءها بعد سابقية الوجوب والفوت يكون تسليم مثل الواجب الفائت فلابد وأن يكون على صفة الفائت لتكون مثله الا لعذر ضرورة لان أصل الأداء يسقط بعذر فلان يسقط وصفه لعذر أولى ولان كل صلاة فائت عن وقتها من غير تقدير وجوب الأداء لعذر مانع من الوجوب ثم زال العذر يعتبر في قضائها الحال وهي حال القضاء لا وقت الوجوب لان الوجوب لم يثبت فيقضى على الصفة التي هو عليها للحال لان الفائت ليس بأصل بل أقيم مقام صفة الأصل خلفا عنه للضرورة وقد قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل فيراعى صفة الأصل لا صفة الفائت كمن فاتته صلوات بالتيمم انه يقضيها بطهارة الماء إذا كان قادرا على الماء وعلى هذا يخرج المسافر إذا كان عليه فوائت في الإقامة انه يقضيها أربعا لأنها وجبت في الوقت كذلك وفاتته كذلك فيراعى وقت الوجوب لا وقت القضاء وكذا المقيم إذا كان عليه فوائت السفر يقضيها ركعتين لأنها فاتته بعد وجوبها كذلك فأما المريض إذا قضى فوائت الصحة قضاها على حسب ما يقدر عليه لعجزه عن القضاء على حسب الفوات وأصل الأداء يسقط عنه بالعجز فلان يسقط وصفه أولى والصحيح انه إذا كان عليه فوائت المرض يقضيها على اعتبار حال الصحة لا على اعتبار حال الفوات حتى لو قضاها كما فاتته لا يجوز فان فاتته الصلاة بالايماء فقضاها في حال الصحة بالايماء لم تجز لان الايماء ليس بصلاة حقيقة لانعدام أركان الصلاة فيه وإنما أقيم مقام الصلاة خلفا عنها لضرورة العجز على تقدير الأداء بالايماء فإذا لم يؤد بالايماء لم يقم مقامها فبقي الأصل واجبا عليه فيؤديه كما وجب والله أعلم وأما إذا فات شئ من هذه الصلوات عن الجماعة وأدرك الباقي كالمسبوق وهو الذي لم يدرك أول الصلاة مع الامام أو اللاحق وهو الذي أدرك أول الصلاة مع الامام ثم نام خلفه أو سبقه الحدث حتى صلى الامام بعض صلاته ثم انتبه أو رجع من الوضوء فكيف يقضى ما سبق به أما المسبوق فإنه يجب عليه أن يتابع الامام فيما أدرك ولا يتابعه في التسليم فإذا سلم الامام يقوم هو إلى قضاء ما سبق به لقوله صلى الله عليه وسلم ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ولو بدأ بما سبق به تفسد صلاته لأنه انفرد في موضع وجب عليه الاقتداء لوجوب متابعة الامام فيما أدرك بالنص والانفراد عند وجوب الاقتداء مفسد للصلاة ولان ذلك حديث منسوخ بحديث معاذ رضي الله عنه حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سن لكم سنة حسنة فاستنوا بها أمر بالاستنان بسنته فيقتضى وجوب متابعة الامام فيما أدرك عقيب الادراك بلا فصل فصار ناسخا لما كان قبله وأما اللاحق فإنه يأتي بما سبقه الامام ثم يتابعه لأنه في الحكم كأنه خلف الامام لالتزامه متابعة الامام في جميع صلاته واتمامه الصلاة مع الامام فصار كأنه خلف الامام ولهذا لا قراءة عليه ولا سهو عليه كما لو كان خلف الامام حقيقة بخلاف المسبوق فإنه منفرد لأنه ما التزم متابعة الامام الا في قدر ما أدرك ألا ترى انه يقرأ ويسجد لسهوه بخلاف اللاحق ولو لم يشتغل بما سبقه الامام ولكنه تابع الامام في بقية صلاته لا تفسد صلاته عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر تفسد بناء على أن الترتيب في أفعال الصلاة الواحدة ليس بشرط عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر والمسألة قد مرت ثم ما أدركه المسبوق مع الامام هل هو أول صلاته أو آخر صلاته وكذا ما يقضيه اختلف فيهما قال أبو حنيفة وأبو يوسف ما أدركه مع الامام آخر صلاته حكما وإن كان أول صلاته حقيقة وما يقضيه أول صلاته حكما وإن كان آخر صلاته حقيقة وقال بشر بن غياث المريسي وأبو طاهر الدباس ان ما يصلى مع الامام أول صلاته حكما كما هو أول صلاته حقيقة وما يقضى آخر صلاته حكما كما هو آخر صلاته حقيقة وهو قول الشافعي وهو اختيار القاضي الامام صدر الاسلام البزدوي رحمه الله والمسألة مختلفة بين الصحابة روى عن علي وابن عمر مثل قول أبي حنيفة وأبى يوسف وعن ابن مسعود رضي الله عنه مثل قولهم وذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري وقال وجدت في غير رواية الأصول عن محمد أنه قال ما أدرك المسبوق مع الامام أول صلاته حقيقة وحكما وما يقضى آخر صلاته حقيقة وحكما كما قال أولئك الا في حق ما يتحمل
(٢٤٧)