الرجوع إذا كان إلى القيام أقرب فلم يكن التسبيح مفيدا ولو فتح على المصلى انسان فهذا على وجهين اما إن كان الفاتح هو المقتدى به أو غيره فإن كان غيره فسدت صلاة المصلى سواء كان الفاتح خارج الصلاة أو في صلاة أخرى غير صلاة المصلى وفسدت صلاة الفاتح أيضا إن كان هو في الصلاة لان ذلك تعليم وتعلم فان القارئ إذا استفتح غيره فكأنه يقول ماذا بعد ما قرأت فذكرني والفاتح بالفتح كأنه يقول بعد ما قرأت كذا فخذ مني ولو صرح به لا يشكل في فساد الصلاة فكذا هذا وكذا المصلى إذا فتح على غير المصلى فسدت صلاته لوجود التعليم في الصلاة ولان فتحه بعد استفتاحه جواب وهو من كلام الناس فيوجب فساد الصلاة وإن كان مرة واحدة هذا إذا فتح على المصلى عن استفتاح فاما إذا فتح عليه من غير استفتاح لا تفسد صلاته بمرة واحدة وإنما تفسد عند التكرار لأنه عمل ليس من أعمال الصلاة وليس بخطاب لاحد فقليله يورث الكراهة وكثيره يوجب الفساد وإن كان الفاتح هو المقتدى به فالقياس هو فساد الصلاة الا انا استحسانا الجواز لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة المؤمنون فترك حرفا فلما فرغ قال ألم يكن فيكم أبى قال نعم يا رسول الله قال هلا فتحت على فقال ظننت انها نسخت فقال صلى الله عليه وسلم لو نسخت لأنبأتكم وعن علي رضي الله عنه أنه قال إذا استطعمك الامام فاطعمه وعن ابن عمر رضي الله عنهما انه قرأ الفاتحة في صلاة المغرب فلم يتذكر سورة فقال نافع إذا زلزت فقرأها ولان المقتدى مضطر إلى ذلك لصيانة صلاته عن الفساد عند ترك الامام المجاوزة إلى آية أخرى أو الانتقال إلى الركوع حتى أنه لو فتح على الامام بعد ما انتقل إلى آية أخرى فقد قيل إنه ان أخذه الامام فسدت صلاة الامام والقوم وان لم يأخذه فسدت صلاة الفاتح خاصة لعدم الحاجة إلى الصيانة ولا ينبغي للمقتدى أن يعجل بالفتح ولا للامام أن يحوجهم إلى ذلك بل يركع أو يتجاوز إلى آية أو سورة أخرى فإن لم يفعل الامام ذلك وخاف المقتدى أن يجرى على لسانه ما يفسد الصلاة فحينئذ يفتح عليه لقول على إذا استطعمك الامام فاطعمه وهو مليم أي مستحق الملامة لأنه أحوج المقتدى واضطره إلى ذلك وقد قال بعض مشايخنا ينبغي للمقتدى أن ينوى بالفتح على امامه التلاوة وهو غير سديد لان قراءة المقتدى خلف الامام منهى عنها عندنا والفتح على الامام غير منهى عنه فلا يجوز ترك ما رخص له فيه بنية ما هو منهى عنه وإنما يستقيم هذا إذا كان الفتح على غير امامه فعند ذلك ينبغي له ان ينوى التلاوة دون التعليم ولا يضره ذلك ولو قرأ المصلى من المصحف فصلاته فاسدة عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد تامة ويكره وقال الشافعي لا يكره واحتجوا بما روى أن مولى لعائشة رضي الله عنها يقال له ذكوإن كان يوم الناس في رمضان وكان يقرأ من المصحف ولان النظر في المصحف عبادة والقراءة عبادة وانضمام العبادة إلى العبادة لا يوجب الفساد الا انه يكره عندهما لأنه تشبه بأهل الكتاب والشافعي يقول ما نهينا عن التشبه بهم في كل شئ فانا نأكل ما يأكلون ولأبي حنيفة طريقتان إحداهما ان ما يوجد منه من حمل المصحف وتقليب الأوراق والنظر فيه أعمال كثيرة ليست من أعمال الصلاة ولا حاجة إلى تحملها في الصلاة فتفسد الصلاة وقياس هذه الطريقة انه لو كان المصحف موضوعا بين يديه ويقرأ منه من غير حمل وتقليب الأوراق أو قرأ ما هو مكتوب على المحراب من القرآن لا تفسد صلاته لعدم المفسد وهو العمل الكثير والطريقة الثانية ان هذا يلقن من المصحف فيكون تعلما منه ألا ترى ان من يأخذ من المصحف يسمى متعلما فصار كما لو تعلم من معلم وذا يفسد الصلاة كذا هذا وهذه الطريقة لا توجب الفصل بين ما إذا كان حاملا للمصحف مقلبا للأوراق وبين ما إذا كان موضوعا بين يديه ولا يقلب الأوراق وأما حديث ذكوان فيحتمل ان عائشة ومن كان من أهل الفتوى من الصحابة لم يعلموا بذلك وهذا هو الظاهر بدليل ان هذا الصنيع مكروه بلا خلاف ولو علموا بذلك لما مكنوه من عمل المكروه في جميع شهر رمضان من غير حاجة ويحتمل أن يكون قول الراوي كان يؤم الناس في رمضان وكان يقرأ من المصحف اخبارا عن حالتين مختلفتين أي كان يؤم الناس في رمضان وكان يقرأ من المصحف في غير حالة الصلاة اشعارا منه انه لم يكن يقرأ القرآن ظاهره فكان يؤم ببعض سور القرآن دون أن يختم أو كان يستظهر كل يوم ورد كل ليلة ليعلم أن قراءة جميع القرآن في قيام رمضان ليست بفرض ولو دعا في
(٢٣٦)