قلت: لو قال: كل ما تصنعه، فهو جائز، فهو كقوله: افعل ما شئت. والله أعلم.
الصورة الخامسة: في امتثال تقييد الموكل. والصور المذكورة من أول الباب إلى هنا، مفروضة في التوكيل المطلق، ومن هنا إلى آخره في التوكيل المقرون بتقييد. وحاصله: أنه يجب مراعاة تقييد الموكل، ورعاية المفهوم منه بحسب العرف، وفيه مسائل.
إحداها: إذا عين الموكل شخصا، بأن قال: بع لزيد. أو (عين) وقتا، بأن قال: بع يوم الجمعة، لم يجز أن يبيع لغير زيد، ولا قبل الجمعة، ولا بعده.
قلت: هكذا قال الأصحاب في البيع قبل الجمعة وبعده: إنه لا يصح.
قالوا: وكذا حكم العتق، لا يجوز قبل الجمعة بعده. وأما الطلاق، فنقل صاحبا الشامل والبيان عن الداركي، أنه قال: إن طلقها قبل الجمعة، لم يقع، وإن طلقها بعده يقع، لأنها إذا كانت مطلقة يوم الجمعة، كانت مطلقة يوم السبت، بخلاف الخميس. ولم أر هذا لغيره، وفيه نظر. والله أعلم.
لو عين مكانا من سوق ونحوها، نظر، إن كان له في ذلك المكان غرض ظاهر، بأن كان الراغبون فيه أكثر، أو النقد فيه أجود، لم يجز البيع في غيره.
وإلا، فوجهان. أحدهما: يجوز، وبه قال القاضي أبو حامد، وقطع به الغزالي.
وأصحهما عند ابن القطان والبغوي: المنع.
قلت: قطع بالجواز أيضا صاحبا التنبيه والتتمة وغيرهما، لكن الأصح على الجملة: المنع، وهو الذي صححه الماوردي والرافعي في المحرر.
قلت: هذا إذا لم يقدر الثمن. فإن قال: بع في سوق كذا بمائة، فباع بمائة في غيرها، جاز، صرح به صاحبا الشامل والتتمة وغيرهما. والله أعلم.
ولو نهاه صريحا عن البيع في غيره، امتنع قطعا. ولو قال: بع في بلد كذا، قال ابن كج: هو كقوله: بع في سوق كذا، حتى لو باع في بلد آخر، جاء فيه