وفي الثالث: إن ركبته ديون، صحت استنابته، لانقطاع سلطة السيد عما في يده كالمكاتب، وإلا، فلا، ويصح استنابة المكاتب، لاستقلاله باليد والتصرف.
فصل صفة القبض هنا في العقار والمنقول، كما سبق في البيع، ويطرد الخلاف في كون التخلية في المنقول قبضا، وعن القاضي: القطع بأنها لا تكفي هنا، لان القبض مستحق هناك.
فرع أودع عند رجل مالا، ثم رهنه عنده، فظاهر نصه: أنه لا بد من إذن جديد في القبض، ولو وهبه له، فظاهر نصه: حصول القبض بلا إذن في القبض، وللأصحاب طرق. أصحها: فيهما قولان، أظهرهما: اشتراط الاذن فيهما.
والطريق الثاني: تقرير النصين، لان الرهن توثيق، وهو حاصل بغير القبض، والهبة تمليك، ومقصوده الانتفاع، ولا يتم ذلك إلا بالقبض، فكانت الهبة لمن في يده رضا بالقبض. والثالث باعتبار الاذن فيهما، قاله ابن خيران.
وسواء شرط الاذن الجديد، أم لا، فلا يلزم العقد ما لم يمض زمان يتأتى فيه صورة القبض. لكن إذا شرط الاذن، فهذا الزمان يعتبر من وقت الاذن. وإن لم يشترطه، فمن وقت العقد. وقال حرملة: لا حاجة إلى مضي هذا الزمان، ويلزم العقد بنفسه، والصحيح الأول.
قلت: قوله: قال حرملة معناه: قال حرملة مذهبا لنفسه، لا نقلا عن الشافعي رضي الله عنه، كذا صرح به الشيخ أبو حامد آخرون. وإنما نبهت على هذا، لئلا يغتر بعبارة صاحب المهذب فإنها صريحة، أو كالصريحة، في أن حرملة نقله عن الشافعي رضي الله عنه، فحصل أن المسألة ذات وجهين، لا قولين. والله أعلم.
فعلى الصحيح، إن كان المرهون منقولا غائبا، اعتبر زمان يمكن المصير فيه إليه ونقله. وهل يشترط مع ذلك نفس المصير ومشاهدته؟ فيه أوجه. أصحهما:
لا. والثاني: نعم. والثالث: إن كان مما يشك في بقائه، كالحيوان، فإنه معرض