وأما تجويزه ذلك - فيما إذا لم يكن الطريق نافذا - ونقله ذلك عن الأصحاب، فضعيف، ولا يوجد ذلك في كتب معظم الأصحاب، ولعله وجده في كتاب أو كتابين، فإني رأيت له مثل هذا كثيرا. وكيف كان، فهذا الحكم ضعيف، فإن الأصحاب مصرحون بأن الطريق في السكة المسدودة ملك لأصحاب السكة، وأنهم لو أرادوا سدها وجعلها مساكن، جاز، ونقل الامام اتفاق الأصحاب على هذا. وإذا ثبت إنها ملكهم، فالقرار تابع للأرض كما يتبعها الهواء، فكما لا يجوز إخراج الجناح فوق أرضهم بغير رضاهم، كذا السرداب تحتها. والله أعلم.
الفصل الثاني في الجدار: الجدار بين المالكين قسمان.
الأول: المختص. فهل للجار وضع الجذوع عليه بغير إذن مالكه؟ قولان.
القديم: نعم. ويجبر المالك إن امتنع، والجديد: لا، ولا يجبر.
قلت: الأظهر: هو الجديد. وممن نص على تصحيحه، صاحب المهذب، والجرجاني، والشاشي، وغيرهم، وقطع به جماعة. والله أعلم.
فعلى القديم: إنما يجبر بشروط.
أحدها: أن لا يحتاج مالك الجدار إلى وضع جذوع عليه.
والثاني: أن لا يزيد الجار في ارتفاع الجدار، ولا يبني عليه أزجا، ولا يضع عليه ما يضر الجدار.
والثالث: أن لا يملك شيئا من جدران البقعة التي يريد تسقيفها، أو لا يملك إلا جدارا، فإن ملك جدارين، فليسقف عليهما، وليس له إجبار صاحب الجدار، ولم يعتبر الامام هذا الشرط هكذا. بل قال: يشترط كون الجوانب الثلاثة من البيت لصاحب البيت، ويحتاج رابعا. فأما إذا كان الكل للغير، فلا يضع قولا واحدا.
قال: ولم يعتبر بعض الأصحاب هذا الشرط، واعتبر في التتمة مثل ما ذكره الامام، وحكى الوجهين فيما إذا لم يملك إلا جانبا أو جانبين. والمذهب: ما