كتاب الشركة كل حق ثابت بين شخصين فصاعدا على الشيوع، يقال: هو مشترك وذلك ينقسم إلى ما لا يتعلق بمال، كالقصاص، وحد القذف، ومنفعة كلب الصيد، ونحوه، وإلى متعلق بمال، وذلك إما عين مال ومنفعته، كما لو غنموا مالا أو ورثوه أو اشتروه. وإما مجرد منفعة، كما لو استأجروا عبدا، أو وصي لهم بمنفعته. وإما مجرد العين، كما لو ورثوا عبدا موصى بمنافعه. وإما حق يتوصل به إلى مال، كالشفعة الثابتة لجماعة. والشركة، قد تحدث بلا اختيار، كالإرث. وباختيار، كالشراء، وهذا مقصود الكتاب. والشركة أربعة أنواع.
الأول: شركة العنان، ولها ثلاثة أركان. وفيه خلاف يأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الغصب. فإن جعلناه متقوما، لم تجز الشركة. وإلا، فعلى الخلاف في المثلي. وأما الدراهم المغشوشة، فقال الروياني: لا تصح الشركة فيها. وحكى في التتمة في صحة القراض عليها، خلافا مبنيا على جواز المعاملة بها، إن جوزناها، فقد ألحقنا المغشوش بالخالص، وإلا، فلا. فإذا جاء في القراض خلاف، ففي الشركة أولى. وقال صاحب العدة: الفتوى، جواز الشركة فيها إن استمر في البلد رواجها.
قلت: هذا المنقول عن العدة هو الأصح.
وأما قوله: أطلقوا منع الشركة في التبر إلى آخره، فعجب، فإن صاحب التتمة حكى في انعقاد الشركة على التبر والنقرة وجهين كالمثلي. والمراد بصاحب العدة هنا، أبو المكارم الروياني. والله أعلم.
ثم ما ذكرناه في المسألة من منع الشركة وجوازها، المراد به: إذا أخرج هذا قدرا من ماله، وذاك قدرا، وجعلاهما رأس مال. وتتصور الشركة على غير هذا الوجه في جميع الأموال، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.
المسألة الثانية: إذا أخرج كل واحد قدرا من المال الذي تجوز الشركة فيه، وأراد الشركة، اشترط خلط المالين خلطا لا يمكن معه التمييز. فإن لم يفعلا، فتلف مال أحدهما قبل التصرف، تلف على صاحبه فقط، وتعذر إثبات الشركة في الباقي، فلا تصح الشركة إن اختلف الجنس كالدراهم والدنانير، أو الصفة كاختلاف السكة، وكالصحاح والمكسرة، أو المثقوبة، وكالعتيقة والجديدة، والبيضاء