فرع لو خرجت أغصان شجرة إلى هواء ملك جاره، فللجار مطالبته بإزالتها. فإن لم يفعل، فله تحويلها عن ملكه. فإن لم يمكن، فله قطعها، ولا يحتاج فيه إلى إذن القاضي، وفيه وجه ضعيف. فلو صالحه على إبقائها بعوض، لم يصح إن لم يستند الغصن إلى شئ، لأنه اعتياض عن مجرد الهواء. وإن استند إلى جدار، فإن كان بعد الجفاف، جاز، وإن كان رطبا، فلا، لأنه يزيد ولا يعرف قدر ثقله وضرره. فقال طائفة من أصحابنا البصريين: يجوز، وما ينمى يكون تابعا.
والأول أصح. وانتشار العروق، كانتشار الأغصان. وكذلك ميل الجدار إلى هواء الجار، قاله الإصطخري.
الباب الثالث في التنازع فيه مسائل.
الأولى: إذا ادعى على رجلين دارا في يدهما، فصدقه أحدهما، وكذبه الآخر، ثبت له النصف بإقرار المصدق، والقول قول المكذب. فلو صالح المدعي المقر على مال، وأراد المكذب أخذها بالشفعة، ففيه طريقان.
أحدهما، قول الشيخ أبي حامد وجماعة: إن ملكاها في الظاهر بسببين مختلفين، فله ذلك، لأنه لا تعلق لاحد الملكين بالآخر. وإن ملكا بسبب واحد، من إرث، أو شراء، فوجهان. أحدهما: المنع، لأنه زعم أن الدار ليست للمدعي، وأن الصلح باطل. وأصحهما: يأخذ، لأنا حكمنا في الظاهر بصحة الصلح. ولا يبعد انتقال ملك أحدهما فقط وإن ملكا بسبب. و الطريق الثاني، قاله ابن الصباغ: إن اقتصر المكذب على قوله: لا شئ لك في يدي، أو لا يلزمني تسليم شئ إليك، أخذ. وإن قال مع ذلك: وهذه الدار ورثناها، ففيه الوجهان. وهذا الطريق، أقرب، مع أن قوله: ورثناها، لا يقتضي بقاء نصيب الشريك في ملكه، بل يجوز انتقاله إلى المدعي. فالاختيار: أن يقطع بجواز الاخذ، إلا أن يقول: إن الشريك مالك في الحال.