فصل في معرفة الجنسية قد سبق في أول الباب، أن بيع الربوي بجنسه، يشترط فيه المماثلة. وبغير جنسه، يجوز فيه التفاضل. والتجانس وعدمه، قد يظهران، وقد يشتبهان، فما ظهر، فلا حاجة إلى تنصيص عليه، وما اشتبه، يحتاج.
فمن ذلك، لحوم الحيوانات، هل هي جنس، أم أجناس؟ قولان.
أظهرهما: أنهما أجناس.
فإن قلنا: جنس، فالحيوانات البرية وحشيها وأهليها كلها جنس، وكذا البحرية كلها جنس.
وفي البحرية مع البرية، وجهان. أصحهما: جنس. والثاني: جنسان.
وإن قلنا: أجناس، فحيوان البر مع البحر جنسان، والأهلي مع الوحشي جنسان.
ثم لكل واحد منهما أجناس، فلحوم الإبل على اختلاف أنواعها جنس واحد، ولحوم البقر جواميسها وغيرها جنس، والغنم ضأنها ومعزها جنس، والبقر الوحشي جنس، والظباء جنس.
وفي الظبي مع الإبل تردد للشيخ أبي محمد، واستقر جوابه أنهما كالضأن والمعز.
وأما الطيور، فالعصافير على اختلاف أنواعها جنس، والبطوط جنس. وعن الربيع: أن الحمام بالمعنى المتقدم في الحج، وهو كل ما عب وهدر، جنس.
فيدخل فيه القمري، والدبسي، والفواخت. واختار هذا جماعة، منهم الامام، وصاحب التهذيب، واستبعده العراقيون، وجعلوا كل واحد منها جنسا. وسموك البحر جنس. وأما غنم الماء وبقره وغيرهما، ففيها - مع السمك - أو مع مثلها، قولان. أظهرهما: أنها أجناس.
وفي الجراد أوجه. أحدها: أنه ليس من جنس اللحوم. والثاني: أنه من لحوم البريات. والثالث: أنه من لحوم البحريات.
قلت: أصحهما: الأول. والله أعلم.
وأما أعضاء الحيوان الواحد، كالكرش، والكبد، والطحال، والقلب،