الفصل الثالث في السقف فإذا كان السفل لرجل، والعلو لرجل، فقد يكون السقف بين ملكيهما مشتركا، وقد يكون لأحدهما. وحكم القسمين في الانتفاع، يخالف حكمهما في الجدار، فيجوز لصاحب العلو، الجلوس ووضع الأثقال عليه على العادة، ولصاحب السفل الاستكنان به، وتعليق ما ليس له ثقل يتأثر به السقف، كالثوب ونحوه قطعا. وفي غيره، أوجه. أحدها: لا يجوز أصلا. والثاني: يجوز ما لا يحتاج إلى إثبات وتد في السقف. وأصحها: يجوز مطلقا على العادة بلا فرق بين ما يحتاج إلى وتد وغيره. قال الشيخ أبو محمد: فإن قلنا: ليس له إثبات الوتد والتعليق فيه، فليس لصاحب العلو غرز الوتد في الوجه الذي يليه. وإن جوزناه له، ففي جوازه لصاحب العلو وجهان، لندور حاجته، بخلاف التعليق.
فرع إذن المالك لغيره في البناء على ملكه، قد يكون بغير عوض، وهو الإعارة، وقد يكون بعوض. فمن صوره، أن يكري أرضه، أو رأس جداره، أو سقفه، مدة معلومة بأجرة معلومة، فيجوز، وسبيله سبيل سائر الإجارات. ومنها أن يأذن فيه بصيغة البيع، ويبين الثمن، وهو صحيح، خلافا للمزني رحمه الله. ثم يتصور ذلك بعبارتين. إحداهما: أن يبيع سطح البيت أو علوه للبناء عليه بثمن معلوم. والثانية: أن يبيع حق البناء على ملكه. والأولى، هي عبارة الشافعي رضي الله عنه وجماهير الأصحاب. والثانية: عبارة الامام، والغزالي، رحمهما الله تعالى. والأشبه: أن المراد منهما شئ واحد. ثم في حقيقة هذا العقد، أوجه. أحدها أنه بيع ويملك المشتري به مواضع رؤوس الجذوع.
والثاني: أنه إجارة. وإنما لم يشرط تقدير المدة، لأن العقد الوارد على المنفعة، تتبع فيه الحاجة. فإذا اقتضت التأبيد، أبد، كالنكاح. وأصحهما: أنه ليس بيعا ولا إجارة محضين، بل فيه شبههما، لكونه على منفعة، لكنها مؤبدة. فإذا قلنا:
ليس بيعا، فعقده بلفظ الإجارة، ولم يتعرض لمدة، انعقد أيضا على الأصح، كما ينعقد بلفظ الصلح، لأنه كما يوافق البيع في التأبيد، يوافقها في المنفعة. وإذا جرت هذه المعاملة، وبنى المشتري عليه، لم يكن للبائع أن يكلفه النقص ليغرم له