من التبعيض وقلة الرغبة، هذا ما ذكره العراقيون في طرقهم. وزاد آخرون، منهم أصحاب القفال، فقالوا: تجويز القسمة حيث جوزناه مبني على أن القسمة إفراز حق، فإن جعلناها بيعا، فهو بيع المرهون بغيره، وهو ممتنع. والجمهور أطبقوا على تجويز القسمة هنا، وجعلوا تأثير كونها بيعا افتقارها إلى إذن المرتهن. ثم إذا جوزنا القسمة، فطريق الطالب أن يراجع الشريك، فإن ساعد، فذاك، وإلا، فيرفع الامر إلى القاضي ليقسم. وفي وجه: لا حاجة إلى إذن الشريك في المتماثلات، لان قسمتها إجبار، والصحيح الأول. ولو قاسم المرتهن وهو مأذون له من جهة المالك، أو الحاكم عند امتناع المالك، جاز، وإلا، فلا. وإذا منعناها فرضي المرتهن، فالمفهوم من كلام الجمهور صحتها. قال الامام: لا يصح وإن رضي، لان رضاه إنما يؤثر في فك الرهن. فأما في بيعه بما ليس برهن ليصير رهنا، فلا. وهذا إشكال قوي.
قلت: ليس بقوي لمن تأمله، ولا يسلم الحكم الذي ادعاه، فالمعتمد ما قاله الأصحاب. والله أعلم.
ولو أراد الراهنان القسمة قبل انفكاك شئ من الرهن، فعلى التفصيل الذي بيناه. ولو رهن واحد عند اثنين، وقضى نصيب أحدهما، ثم أراد القسمة ليمتاز ما بقي رهنا، ففي اشتراط رضى الذي بقي رهنه ما ذكرنا.
الباب الرابع في الاختلاف التنازع في الرهن يفرض في أمور.
الأول: أصل العقد.
فإذا قال: رهنتني، فأنكر المالك، أو رهنتني ثوبك، فقال: بل عبدي.
أو بألفين، فقال: بل بألف. أو رهنتني الأرض بأشجارها، فقال: بل وحدها، فالقول قول المالك مع يمينه. ولو قال: رهنتني الأشجار مع الأرض يوم رهن الأرض، فقال: لم تكن هذه الأشجار أو بعضها يوم رهن الأرض، بل أحدثتها بعد، نظر، فإن كانت الأشجار بحيث لا يتصور وجودها يوم الرهن، فالمرتهن كاذب،