وكذا لو خرج العوض مستحقا. ولو صالحه على دراهم في الذمة، فأعطاه دراهم، فوجدها معيبة وردها، أو خرجت مستحقة، فله المطالبة ببدلها.
الرابعة: قال الشافعي رضي الله عنه: لو اشترى رجل أرضا وبناها مسجدا، فجاء رجل فادعاها، فإن صدقه المشتري، لزمه قيمتها. وإن كذبه، فصالحه رجل آخر، صح الصلح، لأنه بذل مال على جهة القربة، ولان القيمة على المشتري، لأنه وقفه. والصلح عما في ذمة بغير إذنه، جائز.
الخامسة: لو أتلف عليه شيئا قيمته دينار، فأقر به، وصالحه على أكثر من دينار، لم يصح، لان الواجب قيمة المتلف، فلم يصح الصلح على أكثر منه، كمن غصب دينارا، فصالح على أكثر منه. ولو صالحه عنه بعوض مؤجل، لم يصح.
السادسة: سبق في أول الباب أن الصلح عن المجهول، لا يصح. قال الشافعي رضي الله عنه: لو ادعى عليه شيئا مجملا، فأقر له به وصالحه عنه على عوض، صح الصلح. قال الشيخ أبو حامد وغيره: هذا إذا كان المعقود عليه معلوما لهما، فيصح وإن لم يسمياه، كما لو قال: بعتك الشئ الذي نعرفه أنا وأنت بكذا، فقال: اشتريت، صح.
السابعة: إذا أنكر المدعى عليه، ووكل أجنبيا ليصالح كما سبق، فهل يحل له التوكيل؟ وجهان. قال ابن سريج: يحرم عليه الانكار. ولو فعله، فله التوكيل في المصالحة. وقال أبو إسحاق: يحرم عليه أيضا التوكيل. ولو مات مورثه وخلف عينا فادعاها رجل، فأنكره ولا يعلم صدقه، وخاف من اليمين، جاز أن يوكل أجنبيا في الصلح، لتزول الشبهة، حكاه في البيان. والله أعلم.
الباب الثاني في التزاحم على الحقوق وفيه فصول.
الأول: في الطريق، وهو قسمان: نافذ، وغيره.
أما النافذ، فالناس كلهم يستحقون المرور فيه، وليس لأحد أن يتصرف فيه بما يبطل المرور، ولا أن يشرع