الصورة الثالثة: في شرائه المعيب. فللوكيل بالشراء حالان.
أحدهما: أن يوكل في شراء موصوف، فلا يشتري إلا سليما، فإن اشترى معيبا، نظر، إن كان مع العيب يساوي ما اشتراه به، فإن جهل العيب، وقع عن الموكل، وإن علمه، فأوجه. أصحها: لا يقع عنه، لان الاطلاق يقتضي سليما.
والثاني: يقع. والثالث: إن كان عبدا يجزئ في الكفارة، وقع عنه، وإلا، فلا، إلا أن يكون كافرا، فإنه يجوز للوكيل شراؤه. وإن لم يساو ما اشتراه (به)، فإن علم، لم يقع عن الموكل، وإن جهل، وقع عنه على الأصح عند الأكثرين، كما لو اشتراه بنفسه جاهلا. وحيث قلنا بوقوعه عن الموكل، فإن كان جاهلا، فللموكل الرد قطعا، وكذا للوكيل على الصحيح. وعن ابن سريج: أنه لا ينفرد بالرد. وإن كان الوكيل عالما، فلا رد له، وللموكل الرد على الأصح. فعلى هذا، هل ينتقل الملك إلى الوكيل، أم ينفسخ العقد من أصله؟ وجهان. فمن قال بالانتقال، كأنه يقول: ينعقد موقوفا حتى يتبين الحال، وإلا، فيستحيل ارتداد الملك من الموكل إلى الوكيل، قاله الامام. وهذا الخلاف، تفريع على وقوعه للموكل مع علم الوكيل، وهو خلاف ظاهر المذهب.
الحال الثاني: أن يكون وكيلا في شراء معين. فإن لم ينفرد الوكيل في الحال الأول بالرد، فهنا أولى، وإلا، فوجهان. الأصح المنصوص: الجواز، لأن الظاهر أنه يريده بشرط السلامة. ولم يذكروا في هذا الحال، متى يقع عن الموكل، ومتى لا يقع؟ والقياس: أنه كما سبق في الحال الأول. لكن لو كان المبيع معيبا يساوي ما اشتراه به وهو عالم، فايقاعه عن الموكل هنا أولى، لجواز تعلق الغرض بعينه.
وكل ما ذكرناه في الحالين، فيما إذا اشترى في الذمة. أما إذا اشترى بعين مال الموكل، فحيث قلنا هناك: لا يقع عن الموكل، لا يصح هنا أصلا. وحيث قلنا:
يقع، فكذا هنا، وليس للوكيل الرد على الأصح. ومتى ثبت الرد للوكيل في صورة الشراء في الذمة، فاطلع الموكل على العيب قبل اطلاع الوكيل أو بعده، ورضيه، سقط خيار الوكيل، ولا يسقط خيار الموكل بتأخير الوكيل وتقصيره. وإذا أخر الوكيل