المفاوضة، وأرادا شركة العنان، جاز، نص عليه. وهذا يقوي تصحيح العقود بالكنايات.
النوع الرابع: شركة الوجوه، وقد فسرت بصور.
أشهرها: أن يشترك وجيهان عند الناس، ليبتاعا في الذمة إلى أجل، على أن ما يبتاعه كل واحد يكون بينهما، فيبيعانه ويؤديان الأثمان، فما فضل فهو بينهما.
الثانية: أن يبتاع وجيه في الذمة، ويفوض بيعه إلى خامل، ويشترطا أن يكون ربحه بينهما. والثالثة: أن يشتري وجيه لا مال له، وخامل ذو مال، ليكون العمل من الوجيه، والمال من الخامل، ويكون المال في يده لا يسلمه إلى الوجيه، والربح بينهما. وبهذا الثالث فسرها ابن كج والامام. ويقرب منه ما ذكره الغزالي، وهو أن يبيع الوجيه مال الخامل بزيادة ربح، ليكون له بعض الربح، وهي في الصور كلها باطلة، إذ ليس بينهما مال مشترك يرجع إليه عند القسمة. ثم ما يشتريه أحدهما في الصورة الأولى والثانية، فهو له، يختص بربحه وخسرانه، ولا يشاركه فيه الآخر إلا إذا صرح بالاذن في الشراء بشرط التوكيل في الشراء، وقصد المشتري موكله. وأما الصورة الثالثة، فليست بشركة في الحقيقة، بل قراض فاسد لاستبداد المالك باليد. فإن لم يكن المال نقدا، زاد للفساد وجه آخر.
فرع في مسائل تتعلق بما سبق وهي منصوصة في البويطي.
إحداها: لو أخذ جملا لرجل، وراوية لآخر، وتشاركوا على أن يستقي الآخذ الماء، والحاصل بينهم، فهو باطل. فلو استقى، فلمن يكون الماء؟ نقل صاحب التلخيص وآخرون فيه اختلاف قول، وضعف الجمهور هذه الطريقة، وصوبوا تفصيلا ذكره ابن سريج، وهو أنه إن كان الماء مملوكا للمستقي، أو مباحا، لكن قصد به نفسه، فهو له، وعليه لكل واحد من صاحبيه أجرة المثل. وإن قصد الشركة، فهو على الخلاف في جواز النيابة في تملك المباحات. فان منعناها، فهو للمستقي، وعليه الأجرة لهما. وإن جوزناها وهو الأصح، فالماء بينهم. وفي كيفية الشركة، وجهان. أحدهما: تقسم بينهم على نسبة أجور أمثالهم، وبهذا قطع الشيخ أبو