عزلتك، مفصولا عن الوكالة، فعزله، نظر، إن لم يعلم به الوكيل، واعتبرنا علمه في نفوذ العزل، فهو على وكالته. وإن لم نعتبره، أو كان عالما به، ففي عوده وكيلا بعد العزل وجهان بناء على تعليق الوكالة، لأنه علق الوكالة ثانيا على العزل، أصحهما: المنع. فإن قلنا: يعود، نظر في اللفظ الموصول بالعزل. فإن كان قال: إذا عزلتك، أو مهما، أو متى، لم يقتض ذلك عود الوكالة إلا مرة واحدة.
وإن قال: كلما عزلتك، اقتضى العود مرة بعد مرة أبدا، لان كلما للتكرار. فإن أراد أن لا يعود وكيلا، فطريقه أن يوكل غيره في عزله، فينعزل، لان المعلق عليه عزل نفسه. فإن كان قال: كلما عزلتك، أو عزلك أحد عني، فطريقه أن يقول:
كلما عدت وكيلا، فأنت معزول. فإذا عزله، ينعزل لتقاوم التوكيل والعزل، واعتضاد العزل بالأصل، وهو الحجر في حق الغير.
والخلاف في قبول الوكالة التعليق، جار في أن العزل هل يقبله، ولكن بالترتيب؟ والعزل أولى بقبوله، لأنه لا يشترط فيه قبول قطعا. وتصحيح إدارة الوكالة والعزل جميعا، مبني على قبولهما التعليق. قال الامام: وإذا نفذنا العزل، وقلنا: تعود الوكالة، فلا شك أن العزل ينفذ في وقت وإن لطف، ثم ترتب عليه الوكالة. فلو صادف تصرف الوكيل ذلك الوقت اللطيف، ففي نفوذ تصرفه وجهان.
المسألة الثالثة: تصح الوكالة الموقتة، كقولك: وكلتك إلى شهر رمضان.
الباب الثاني في أحكام الوكالة الصحيحة وهي أربعة.
الأول: صحة تصرف الوكيل إذا وافق، والموافقة والمخالفة تعرفان بالنظر إلى اللفظ تارة، وبالقرائن أخرى. فإن القرينة قد تقوى، فيترك لها إطلاق اللفظ. ولهذا لو أمره في الصيف بشراء الجمد، لا يشتريه في الشتاء. وقد يتعادل اللفظ والقرينة، ويحصل من تعادلهما خلاف في المسألة. وهذا القول الجملي، نوضحه بصور