يقضي حقه. قال أصحابنا: وليس هذا منعا من السفر، كما يمنع عبده وزوجته السفر، بل يشغله عن السفر برفعه إلى مجلس القاضي ومطالبته حتى يوفي. وإن كان مؤجلا، فإن لم يكن السفر مخوفا، فلا منع، إذ لا مطالبة، وليس له طلب رهن ولا كفيل قطعا، ولا يكلفه الاشهاد على الصحيح. وسواء كان الأجل قريبا أم بعيدا، فإن أراد السفر معه ليطالبه عند حلوله، فله ذلك بشرط أن لا يلازمه. فإن كان السفر مخوفا، كالجهاد، وركوب البحر، فلا منع على الأصح مطلقا. وفي وجه: يمنع إلى أن يؤدي الحق، أو يعطي كفيلا، قاله الإصطخري وفي وجه: إن لم يخلف وفاء، منعه. وفي وجه: إن كان المديون من المرتزقة، لم يمنع الجهاد، وإلا، منع، واختار الروياني مذهب مالك رضي الله عنه فقال: له المطالبة بالكفيل في السفر المخوف، وفي السفر البعيد عند قرب الحلول.
فصل إذا ثبت إعسار المديون، لم يجز حبسه، ولا ملازمته، بل يمهل إلى أن يوسر. وأما الذي له مال وعليه دين، فيجب أداؤه إذا طلب. فإذا امتنع، أمره الحاكم به. فإن امتنع، باع الحاكم ماله وقسمه بين غرمائه.
قلت: قال القاضي أبو الطيب والأصحاب: إذا امتنع، فالحاكم بالخيار، إن شاء باع ماله عليه بغير إذنه، وإن شاء أكرهه على بيعه، وعزره بالحبس وغيره حتى يبيعه. والله أعلم.
فإن التمس الغرماء الحجر عليه، حجر على الأصح كيلا يتلف ماله. فإن أخفى ماله، حبسه القاضي حتى يظهره. فإن لم ينزجر بالحبس. زاد في تعزيره بما يراه من الضرب وغيره. وإن كان ماله ظاهرا، فهل يحبسه لامتناعه؟ قال في التتمة: فيه وجهان. الذي عليه عمل القضاة، الحبس. فإن ادعى أنه تلف وصار مفلسا، فعليه البينة. ثم إن شهدوا على التلف، قبلت شهادتهم، ولم تعتبر فيهم الخبرة مطلقا. وإن شهدوا بإعساره، قبلت بشرط الخبرة الباطنة. قال