لظاهر نص الشافعي. وأما إذا لم يكن للبلد سور، أو كان في غير صوب مقصده، فابتداء سفره بمفارقة العمران حتى لا يبقى بيت متصل ولا منفصل. والخراب الذي يتخلل العمارات، معدود من البلد، كالنهر الحائل بين جانبي البلد، فلا يترخص بالعبور من جانب إلى جانب. فإن كانت أطراف البلدة خربة، ولا عمارة وراءها، فقال العراقيون، والشيخ أبو محمد: لا بد من مجاوزتها. وقال الغزالي، وصاحب (التهذيب): لا يشترط مجاوزتها، لأنه ليس موضع إقامة. وهذا الخلاف فيما إذا كانت بقايا الحيطان قائمة، ولم يتخذوا الخراب مزارع العمران، ولا هجروه بالتحويط على العامر والخراب، فإن لم يكن كذلك، لم يشترط مجاوزتها بلا خلاف. ولا يشترط مجاوزة البساتين، والمزارع المتصلة بالبلد، وإن كانت محوطة، إلا إذا كان فيها قصور أو دور يسكنها ملاكها (1) بعض فصول السنة، فلا بد من مجاوزتها حينئذ.
ولنا وجه في (التتمة): أنه يشترط مجاوزة البساتين، والمزارع المضافة إلى البلدة مطلقا، وهو شاذ ضعيف. هذا حكم البلدة. وأما القرية، فلها حكم البلدة في جميع ما ذكرناه. ولا يشترط فيها مجاوزة البساتين، ولا المزارع المحوطة، هذا هو الصواب الذي قاله العراقيون. وشذ الغزالي عن الأصحاب فقال: إن كانت المزارع، أو البساتين محوطة، اشترط مجاوزتها. وقال إمام الحرمين: لا يشترط مجاوزة المزارع المحوطة، ولا البساتين غير المحوطة، ويشترط مجاوزة البساتين المحوطة. ولو كان قريتان ليس بينهما انفصال، فهما كمحلتين، فيجب مجاورتهما جميعا. قال الامام: وفيه احتمال، فلو كان بينهما انفصال فجاوز قريته، كفى وإن كانتا في غاية التقارب على الصحيح. وقال ابن سريج: إذا تقاربتا، اشترط مفارقتهما. ولو جمع سور قرى متفاصلة، لم يشترط مجاوزة السور. وكذا لو قدر ذلك في بلدتين متقاربتين. ولهذا قلنا أولا: إن ارتحل من بلدة لها سور مختص بها. وأما المقيم في الصحارى، فلا بد له من مفارقة البقعة التي فيها رحله وينسب إليه. فإن سكن واديا، وسافر في عرضه، فلا بد من مجاوزة عرض الوادي، نص عليه