فللتخلف شرط آخر، وهو أن لا يلابس مع تمامهما، أو تمامه ركنا آخر. ومقتضى كلام صاحب (التهذيب) ترجيح البطلان فيما إذا تخلف بركن كامل مقصود، كما إذا استمر في الركوع حتى اعتدل الامام وسجد. هذا كله في التخلف بغير عذر.
أما الاعذار فأنواع.
منها: الخوف، وسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.
ومنها: أن يكون المأموم بطئ القراءة (1)، والامام سريعها، فيركع قبل أن يتم المأموم الفاتحة، فوجهان. أحدهما: يتابعه ويسقط عن المأموم باقيها. فعلى هذا، لو اشتغل بإتمامها، كان متخلفا بلا عذر. والصحيح الذي قطع به صاحب (التهذيب) وغيره، أنه لا يسقط بل عليه أن يتمها، ويسعى خلف الامام على نظم صلاته ما لم يسبقه بأكثر من ثلاثة أركان مقصودة، فإن زاد على الثلاثة فوجهان.
أحدهما: يخرج نفسه عن المتابعة لتعذر الموافقة. وأصحهما: له أن يدوم على متابعته. وعلى هذا وجهان. أحدهما: يراعي نظم صلاته، ويجري على أثره.
وبهذا أفتى القفال. وأصحهما: يوافقه فيما هو فيه، ثم يقضي ما فاته بعد سلام الامام. وهذان الوجهان، كالقولين في مسألة الزحام (2).
ومنها: أخذ التقدير بثلاثة أركان مقصودة، فإن القولين في مسألة الزحام، إنما هما إذا ركع الامام في الثانية. وقبل ذلك لا يوافقه، وإنما يكون التخلف قبله بالسجدتين والقيام. ولم يعتبر الجلوس بين السجدتين على مذهب من يقول: هو غير مقصود، ولا يجعل التخلف بغير المقصود مؤثرا. وأما من لا يفرق بين المقصود وغيره، أو يفرق ويجعل الجلوس مقصودا، أو ركنا طويلا، فالقياس على أصله، التقدير بأربعة أركان أخذا من مسألة الزحام. ولو اشتغل المأموم بدعاء الاستفتاح، فلم يتم الفاتحة لذلك، فركع الامام، فيتم الفاتحة كبطئ القراءة. وكان هذا في المأموم الموافق. أما المسبوق إذا أدرك الامام قائما وخاف ركوعه، فينبغي أن لا يقرأ الاستفتاح، بل يبادر إلى الفاتحة، فإن ركع الامام في أثناء الفاتحة فأوجه. أحدها:
يركع معه وتسقط باقي الفاتحة، والثاني: يتمها. وأصحها: أنه إن لم يقرأ شيئا من