رسول الله صلى الله عليه وسلم فعالجه وأقام فيه حتى تبين له النقصان، فسأل رب الحائط أن يضع عنه فحلف أن لا يفعل، فذهبت أم المشترى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال رسول الله صلى عليه وسلم تألى أن لا يفعل خيرا، فسمع بذلك رب المال، فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله " هو له " أما لغات الفصل فالآفة العاهة، وقد إيف الزرع بالبناء للمجهول أي أصابته آفة فهو مئوف على وزن مقول ومعوف، والجوائح جمع جائحة، وهي الآفة التي تصيب الثمار فتهلكها. يقال حاجهم الدهر واجتاحهم بتقديم الجيم على الحاء فيها إذا أصابهم بمكروه عظيم والآكلة أما الأحكام فقال الشافعي، قال سفيان في حديثه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في وضع الجوائح: ما حكيت فقد يجوز أن يكون الكلام الذي لم يحفظه سفيان من حديث حميد يدل على أن أمره بوضعها على مثل أمره بالصلح على النصف. وعلى مثل أمره بالصدقة تطوعا حضا على الخير لا حتما، وما أشبه ذلك ثم قال الشافعي وحديث مالك عن عمرة مرسل. وأهل الحديث ونحن لا نثبت مرسلا، ولو ثبت حديث عمرة كانت فيه - والله تعالى أعلم - دلالة على أن لا توضع الجائحة لقولها " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تألى أن لا يفعل خيرا " ولو كان الحكم عليه أن يضع الجائحة لكان أشبه أن يقول ذلك لازم له حلف أو لم يحلف، وذلك أن كل من كان عليه حق قيل هذا يلزمك أن تؤديه إذا امتنعت من حق فأخذ منك بكل حال (قال) ولو لم يكن سفيان وهن حديثه بما وصفت وثبتت السنة بوضع الجائحة، وضعت كل قليل وكثير أصيب من السماء بغير جناية أحد عليه، فأما أن يوضع الثلث فصاعدا ولا بوضع ما دون الثلث فهذا لا خبر ولا قياس ولا معقول.
فان قال قائل: فما منعك أن تجعل ثمرة النخل قياسا على ما وصفت من كراء الأرض، وأنت تجيز بيع ثمر النخل فيترك إلى غاية في نخله كما تجيز أن يقبض الدار ويسكنها إلى مدة.