والثاني: أن القول قول البايع، لان العادة فيمن يقبض حقه بالكيل أن يستوفى جميعه فجعل القول قول البايع.
(الشرح) اعلم أن اختلاف المتبايعين على ضربين، أحدهما أن يختلفا في أصل العقد، والثاني في صفته، فإن كان اختلافهما في أصل العقد مثل أن يقول البائع بعتك هذا الشئ بألف فيقول الآخر ما اشتريت، أو يقول المشترى:
اشتريت منك هذا الشئ بألف، ويقول المالك: ما بعت، فالقول قول منكر العقد مع يمينه بائعا كان أو مشتريا إلا أن يقيم مدعى العقد بينة ولا تحالف بينهما لقوله صلى الله عليه وسلم " البينة على من ادعى ".
وإن كان اختلافهما في صفة العقد، كاختلافهما في قدر الثمن أو صفته أو في قدر المثمن أو في صفته.
والضرب الثاني أن يكون اختلافهما مما قد يخلو من العقد كاختلافهما في الأجل وفى قدره أو في الخيار أو في قدره أو في الرهن أو في التمييز أو في عينه.
فأما الضرب الأول وهو أن يكون اختلافهما مما يكون يخلو منه العقد من قدر الثمن أو صفته فقد مر تفصيل ذلك في الفصول السابقة، وأما ما يكون من اختلاف في قدر المثمن أو صفته، فالاختلاف في صفة المثمن أن يقول البائع، بعتك عبدا، ويقول المشترى. بل جارية، فإن كان اختلافهما فيما ذكرنا وشبهه فقد اختلف الفقهاء في العقد على خمسة مذاهب قد جئنا عليها في الفصول السابقة قال في نهاية المحتاج ما حاصله:
وإن اختلفا في الأجل بأن أثبته المشترى ونفاه البائع، أو قدره كشهر أو شهرين، أو قدر المبيع كمد من هذه الصبرة مثلا بدرهم، فيقول. بل مدين به ولا بينة لأحدهما يعول عليها، فشمل ما لو أقام كل بينة وتعارضتا لاطلاقهما أو إطلاق أحدهما فقط أو لكونهما أرختا بتاريخين متفقين تحالفا لخبر مسلم " اليمين على المدعى عليه " ولا يشكل الخبران المتقدمان لأنه عرف من هذا الخبر زيادة عليهما وهي حلف المشترى أيضا فأخذنا بها وشمل كلامه ما لو وقع الاختلاف في زمن الخيار فيتحالفان، وهو كذلك كما صرح به ابن يونس والنسائي والأذرعي