فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك وروى هذا الحديث الامام الحافظ أبو بكر السمعاني في آماليه وقال هو حديث حسن فكل واحد من الحديثين مصرح بأنه في وقت وجود الخلوف في الدنيا يتحقق وصفه بكونه أطيب عند الله من ريح المسك قال وقد قال العلماء شرقا وغربا معنى ما ذكرته في تفسيره قال الخطابي طيبه عند الله رضاه به وثناؤه عليه: وقال ابن عبد البر معناه أزكي عند الله تعالى وأقرب إليه وأرفع عنده من ريح المسك: وقال البغوي في شرح السنة معناه الثناء على الصائم والرضا بفعله: وكذا قاله الامام القدوري امام الحنفية في كتابه في في الخلاف معناه أفضل عند الله من الرائحة الطيبة ومثله قال البوني من قدماء المالكية وكذا قال الإمام أبو عهمان الصابوني وأبو بكر السمعاني وأبو حفص بن الصفار الشافعيون في أماليهم وأبو بكر بن العربي المالكي وغيرهم فهؤلاء أئمة المسلمين شرقا وغربا لم يذكروا سوى ما ذكرته ولم يذكر أحد منهم وجها بتخصيصه بالآخرة مع أن كتبهم جامعة للوجوه المشهورة والغربية ومع أن الرواية التي فيها ذكر يوم القيامة مشهورة في الصحيح بل جزموا بأنه عبارة عن الرضا والقبول ونحوهما مما هو ثابت في الدنيا والآخرة وأما ذكر يوم القيامة في تلك الرواية فلانه يوم الجزاء وفيه يظهر رجحان الخلوف في الميزان على المسك المستعمل لدفع الرائحة الكريهة طلبا لرضا الله تعالى حيث يؤمر باجتنابها واجتلاب الرائحة الطيبة كما في المساجد والصلوات وغيرها من العبادات فخص يوم القيامة بالذكر في رواية لذلك كما خص في قوله تعالى ان ربهم بهم يومئذ لخبير وأطلق في باقي
(٢٧٨)