عنيفا انزعج منه حيطان داره بما أوجب خللا فيها، أو حبس الماء في ملكه بحيث تنشر منه النداوة في حائطه، أو احدث بالوعة أو كنيفا بقرب بئر الجار أوجب فساد مائها، بل وكذا لو حفر بئرا بقرب بئره إذا أوجب نقص مائها وكان ذلك من جهة جذب الثانية ماء الأولى. واما إذا كان من جهة ان الثانية لكونها أعمق ووقوعها في سمت مجري المياه يتحدر فيها الماء من عروق الأرض قبل ان يصل إلى الأول فالظاهر انه لا مانع منه، والمائز بين الصورتين أولو الحدس الصائب من أهل الخبرة. وكذا لا مانع من إطالة البناء وان كان مانعا من الشمس والقمر والهواء، أو جعل داره مدبغة أو مخبزة مثلا وان تأذى الجار من الريح والدخان إذا لم يكن بقصد الإيذاء، وكذا احداث ثقبة في جداره إلى جاره موجبة للاشراف أو لانجذاب الهواء، فان المحرم هو التطلع على دار الجار لا مجرد ثقب الجدار.
مسألة 17 - لا يخفي ان امر الجار شديد، وحث الشرع الأقدس على رعايته أكيد، والاخبار في وجوب كف الأذي عن الجار وفي الحث على حسن الجوار كثيرة لا تحصي: فعن النبي صلي الله عليه وآله وسلم انه قال: ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه. وفي حديث آخر انه صلي الله عليه وآله و سلم امر عليا (عليه السلام) وسلمان وأبا ذر - قال الراوي ونسيت آخر وأظنه المقداد - ان ينادوا في المسجد بأعلى صوتهم بأنه لا ايمان لمن لم يامن جاره بوائقه، فنادوا بها ثلاثة. وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه قال: قرأت في كتاب على (عليه السلام) ان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كتب بين المهاجرين والأنصار أهل يثرب لجار غير ولا آثم، وحرمة الجار كحرمة أمه وروي الصدوق باسناده عن الصادق عليه السلام عن على (عليه السلام) عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: