والمراد بالصغير من لم يصل إلى أوان البلوغ الشرعي وإن كان مميزا رشيدا، وكان تصرفه موافقا للمصلحة لنفسه ولمن يتعامل معه وللمال.
ومنع المشهور من صحة تصرفه في المال حتى مع إذن الولي له قبل التصرف أو إجازته له بعد التصرف، فلا تصح معاملته على هذا القول على الاطلاق، وهو ممنوع وسيأتي التعرض لذلك وسنذكر بعض المستثنيات إن شاء الله تعالى.
[المسألة الثالثة:] يحجر الصبي الصغير عن أن يتصرف في ذمته فيشغلها ببعض المعاوضات، فلا يصح له أن يقترض من أحد مالا فيصبح مال القرض في ذمته أو يبيع على أحد أو يشتري منه سلفا أو نسيئة، ويحجر كذلك عن أن يتصرف في نفسه، فليس له أن يتولى تزويج نفسه أو طلاق زوجته، أو يؤجر نفسه لعمل أو يجعل نفسه عامل مضاربة أو مزارعة أو مساقاة أو غير ذلك من أنواع التصرف في النفس.
[المسألة الرابعة:] تقدم منا في المسألة الثالثة والسبعين من كتاب التجارة: أن ولي الصبي إذا قام بالمعاملة على بيع مال الصبي حتى أتم المساومة وحصل الاتفاق بينه وبين المشتري ثم وكل الصبي نفسه في أن يجري صيغة البيع على المشتري، فالأقوى صحة المعاملة ونفوذها إذا كان الصبي مميزا وصحيح الانشاء، وكذلك إذا أتم الولي معاملة الشراء له ثم وكله في إنشاء القبول، فالصبي غير مسلوب العبارة لصغره على الأقوى إذا كان يحسن الانشاء.
وذكرنا في المسألة ذاتها: أن الظاهر صحة معاملة الصبي المميز في الأمور غير الخطيرة، فيصح له أن يتولى معاملة البيع والشراء مستقلا في هذه الأمور، إذا أذن له الولي بأصل المعاملة لا في خصوص انشاء الصيغة.
وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الوصية: إن الأقوى صحة الوصية من الصبي إذا بلغ عشر سنين وكانت وصيته في الخيرات والمبرات ووجوه المعروف، فتنفذ وصيته ويلزم العمل بها بعد موته.