عليه، فإذا كان المقصود من المضاربة هو أن يتجر العامل بالمال بأي وجه اتفق من وجوه التجارات المباحة، اشترط في العامل أن يكون قادرا على الاتجار ولو في نوع مخصوص منها، فيكفي في الصحة أن يكون قادرا على المتاجرة بالحبوب أو بالأقمشة مثلا، ولا تصح المضاربة إذا كان العامل عاجزا عن الاتجار في جميع وجوه التجارات، وكذلك إذا قيد المالك المضاربة بنوع خاص من أنواع التجارة وكان العامل لا يقدر على الاتجار بذلك النوع، كما إذا قيد المالك المضاربة بالمتاجرة بالجواهر وكان العامل غير قادر على ذلك فلا تصح المضاربة، وهذا كله إذا كان المالك قد قيد المضاربة مع العامل بأن يباشر الاتجار بالمال بنفسه.
وإذا ضاربه واشترط عليه أن يباشر التجارة بنفسه وكان الشرط لا بنحو التقييد، وكان العامل عاجزا عن الاتجار لم يبطل عقد المضاربة وثبت للمالك خيار تخلف الشرط، فيجوز له أن يفسخ المضاربة ويجوز له أن يبقى المضاربة فيستأجر العامل عاملا آخر يتجر لهما بالمال.
وإذا ضارب المالك العامل للتجارة ولم يشترط عليه المباشرة بنفسه ولم يقيد المضاربة بذلك صحت المضاربة فإذا كان العامل عاجزا عن الاتجار بنفسه أمكن له أن يتخذ عاملا غيره يقوم بالتجارة أو يتخذ معينا يعينه فيها، وتجري الأحكام المذكورة في ما إذا طرأ العجز للعامل عن الاتجار بعد أن كان قادرا في أول الأمر.
[المسألة 17:] إذا دفع المالك إلى العامل مبلغا كبيرا من المال ليتجر به، وكان العامل قادرا على المتاجرة في البعض، ولكنه يعجز عن الاتجار بذلك المبلغ من المال كله، فإن قيد المالك مضاربته بأن يتجر العامل بجميع المال جرت في هذا الفرض الأحكام التي ذكرناها في المسألة السابقة.
فإذا كان المالك قد قيد عقد المضاربة أيضا بأن يباشر العامل المتاجرة بالمال بنفسه كانت المضاربة باطلة لعدم القدرة، وإذا كان قد شرط على العامل مباشرة الاتجار بنفسه ولم يقيد المضاربة بذلك صحت المضاربة وكان للمالك خيار تخلف الشرط على النهج الآنف ذكره.