لزم الموكل للوكيل قدر الجعل.
فإن كانا من جنس واحد تساويا في قدر الجعل وتقاصا، وإن اختلفا في القدر تقاصا في مقدار ما يتساويان فيه، ويرجع صاحب الفضل على صاحبه بالفضل.
وإن كانا من جنسين لم يتقاصا ورجع كل واحد منهما على صاحبه بحقه، فإذا ثبت هذا فإذا وكله في البيع فشرط له جعلا فباع الوكيل كان له أن يطالب الموكل بالجعل قبل تسليم الثمن.
وجملة ذلك أن العمل الذي يستحق به عوضا على ضربين: ضرب يقف استحقاق تسليم الأجرة على تسليمه، وضرب لا يقف على تسليمه.
فالأول مثل الثوب ينسجه الحائك أو يخيطه الخياط أو يصبغه الصباغ أو يقصره القصار وما أشبه ذلك، وليس له أن يطالب صاحب الثوب بالأجرة حتى يسلم إليه الثوب، لأنه عمل يمكن تسليمه فوقف استحقاق الأجرة عليه، إلا أن يكون الصانع في ملك صاحب الثوب فيكون له المطالبة بالأجرة قبل تسليم الثوب إليه، لأنه إذا كان في ملكه فكلما فرع من جزء من العمل يصير ذلك مسلما إلى صاحبه، وإذا لم يكن الصانع في ملك صاحب الثوب فتلف الثوب في يده فمن قال: إن يده يد أمانة، لم يستحق الأجرة ولم يجب عليه الضمان، سواء تلف قبل العمل أو بعده، ومن قال: إن يده يد ضمان، فإن كان بعد العمل قوم عليه معمولا فإذا غرم القيمة استحق الأجرة، وإن كان قبل العمل قوم عليه غير معمول ولم يستحق شيئا من الأجرة لأنه ما عمل شيئا.
وأما الذي لا يقف استحقاق الأجرة على تسليمه فهو مثل أن يكون يوكله في البيع ويجعل له أجرة، فإذا باع طالبه بالجعل قبل تسليم الثمن إليه لأنه استحقه بالبيع، فالبيع تصرف مجرد فلا يمكن تسليمه، وما لا يمكن تسليمه لا يقف استحقاق الأجرة عليه، وكذلك إذا استأجر راعيا يرعى مواشيه فرعاها المدة المعلومة كان له مطالبته بالأجرة قبل التسليم، لأن الرعي عمل مجرد لا يمكن