وأما إذا باعه من مكاتبه فقيل فيه وجهان، ومن قال في الأولى " لا يجوز " قال هاهنا مثله، ومن أجاز هناك - وهو الصحيح - أجاز هاهنا.
إذا أذن الموكل لوكيله في بيع ماله من نفسه فقال له: بعه من نفسك، أو خيره بين أن يبيعه من نفسه وبين أن يبيعه من غير، قيل فيه قولان: أحدهما يجوز، وهو الصحيح، وقال قوم: لا يجوز، كما لا يجوز أن يتزوج بنت عمه من نفسه، وهذا عندنا أيضا جائز.
إذا وكل المتداعيان رجلا في الخصومة ليخاصم عنهما كل واحد قيل في صحته قولان:
أحدهما: يجوز، لأنه يمكنه استيفاء الحجج في الجنبتين معا فيدعي عن أحدهما وينكر عن الآخر، فإن كانت للمدعي بينة أحضرها، فإذا سمعها الحاكم قال له: هل لموكلك قدح فيها؟ فيجب عما عنده، وإن لم تكن له بينة توجهت اليمين على موكله المدعى عليه فيحضره الحاكم حتى يحلف.
والثاني: لا يجوز، وهو الأحوط، لأنه لا بد في إيراد الحجج في المخاصمة من الاستقصاء والمبالغة، وذلك يتضاد الغرضان فيه، فصار في معنى البيع من نفسه.
إذا وكل رجلا في البيع لم يخل من أحد أمرين: إما أن يطلق الوكالة فيه أو يقيدها.
فإن قيدها فقال له مثلا: بع حالا، أو بع مؤجلا، أو بنقد البلد أو بغيره، وما أشبه ذلك من الشرائط، فعلى الوكيل أن يتصرف له في ذلك البيع حسب ما أذن له فيه، وإذا خالفه لم يجز البيع إلا أن تكون له الخيرة في المخالفة، مثل أن يكون أذن له في البيع فباعه بأكثر.
وإن أذن له في البيع مؤجلا فباعه حالا بثمن حال نظر: فإن كان ذلك المال الذي باع به مما لا ضرر على الموكل في إمساكه مثل الدراهم والدنانير وما أشبه ذلك لزمه البيع، وإن كان المال الذي باعه فيه ضرر مثل المتاع الجافي كالقطن والطعام والحطب وغيرها لم يلزمه البيع حالا، لأن هاهنا له غرضا في