وكل رجل رجلا في قضاء دينه عنه لغريمه فادعى الوكيل على الغريم القضاء وأنكر الغريم ذلك كان القول قوله، لأنه يدعي التسليم إلى من لم يأتمنه عليه، وتفارق دعوى الإنفاق على اليتيم حيث قلنا: القول قول الوصي، لأنه يتعذر عليه إقامة البينة عليه لأنه يتكرر ويكثر ويقل، وليس كذلك رد الجميع فإنه لا يتكرر ولا يتعذر عليه إقامة البينة عليه.
إذا ثبت هذا فكل أمين رد الأمانة على من لم يأتمنه وأنكر ذلك المدعى عليه كان القول قوله فيه دون المدعي، مثل المودع يدعي رد الوديعة على ورثة المودع، والملتقط يدعي رد اللقطة على صاحبها أو وارثه، ومن هبت الريح بثوب إلى داره إذا ادعى رده على صاحبه أو وارثه، والأب أو الجد إذا ادعى رد المال على الابن إذا بلغ لأنه لم يأتمنه، وكذلك الحاكم وأمينه إذا ادعيا رد المال على اليتيم بعد بلوغه، وكذلك الشريك أو المضارب إذا ادعى رد المال على ورثة صاحب المال، وكذلك كل من حصل في يده حيوان لغيره من طائر أو بهيمة أو غير ذلك، لأن جميع هؤلاء يدعون رد المال على من يأتمنهم عليه فلم يقبل قولهم فيه.
إذا وكل رجل رجلا ببيع مال ثم سلم إليه المال فباعه الوكيل وقبض الثمن، فطالبه الموكل بتسليم الثمن الذي قبضه، أو طالبه برد المال الذي وكله في بيعه قبل أن يبيعه، وجب عليه رده، ولا يجب الرد على الوكيل إلا بعد مطالبة الموكل.
إذا ثبت أنه يجب رده عليه فلا كلام، وإن أخر الرد لم يخل من أحد أمرين:
إما أن يكون لعذر، أو لغير عذر.
فإن كان لعذر فأخر الرد حتى يزول العذر لم يصر ضامنا بذلك، لأنه إنما يجب عليه الرد حسب ما جرت به العادة من ارتفاع الأعذار، لأن الأمانة لا تبطل إلا بالتفريط ولا تفريط مع قيام العذر.
فإذا ثبت هذا فإن تلف المال قبل زوال العذر فلا ضمان عليه لأنه تلف بحكم