الدافع، لأنه يقول: هو مال الموكل وقد ظلمني برجوعه علي، وإن كان ذلك المال قد تلف في يد الوكيل لم يرجع عليه بشئ، لأنه مقر بأنه وكيل أمين وقد قبض ذلك المال بحق وهو مال الموكل وتلف في يده فلا ضمان عليه، فإذا كان مقرا بذلك لم يكن له عليه به رجوع، وقال بعضهم: له أن يرجع على أيهما شاء مثل العين، والصحيح الأول.
فأما إذا قال له: قد مات صاحب المال وأنا وارثه، فصدقه على ذلك لزمه تسليمه إليه، لأنه مقر بأنه لا يستحق غيره وأنه يبرأ بالدفع إليه، وإن كذبه كان للمدعي أن يطالبه باليمين أنه لا يعلم أن مورثه مات وأنه وارثه، لأنه لو أقر بذلك لزمه التسليم، فإذا أنكر توجهت عليه اليمين.
وأما إذا جاء رجل فقال صاحب المال: أحالني عليك بما له عليك، فأقر له بذلك، فهل يلزمه التسليم أم لا؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما: يلزمه، وبه نقول، لأنه أقر بأنه لا يستحق غيره لأن الحق يتحول عندنا بالحوالة، فهو بمنزلة الوارث.
والثاني: أنه لا يلزمه التسليم، لأنه لا يأمن أن يجحد صاحب الحق الحوالة ويطالبه بالمال فيكون بمنزلة الموكل والوكيل، وهذا هو الأحوط إذا كان ما قبل الحوالة. فأما إذا كان قبلها فإنه يلزمه تسليم المال إليه.
إذا ثبت هذا فمن قال: يلزمه التسليم بإقراره، كان له أن يحلفه أنه لا يعلم أنه أحاله عليه بالحوالة إذا كذبه، ومن قال: لا يلزمه التسليم بإقراره، لم يكن له أن يحلفه أنه لا يعلم أنه أحاله عليه بالحوالة إذا كذبه، فتحصل في الجملة ثلاث مسائل:
إحداها: مسألة الوكيل، إذا صدقه الذي عليه الحق فلا يلزمه التسليم.
والثانية: مسألة الوارث، إذا صدقه من عليه الحق لزمه التسليم.
الثالثة: مسألة المحال عليه وصدقه من عليه الحق، هل يلزمه الحق؟ على الوجهين الأولين بلا خلاف.